الحمد لله والصّلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه

صدقاً !!

لم أكن أنوي أن أخطّ هذه السّطور لولا توفيق الله
ثمّ ظنّي أنّه ربّما ينتفع أحدٌ ما بها
فاستخرتُ الله .. وكتبتُ ما كتبت ..
وأسأل الله أن ينفعنا وينفع بنا
ويستعملنا ولا يستبدلنا
اللهم آآآمين



:

كثيراً ما نرى ظاهرةً في تجمّعاتنا مع صديقاتنا أو أخواتنا في الله
أو في مدارسنا أو مراكزنا أو مُلتقياتنا
أنّه عندما يكون هناك برنامج أو طلبٌ لتقديم فوائد من الغاليات
نرى الكثيرات من الأخوات الطيّبات يرفضن ويعتذرن ويُحاولن التّهرّب بأيّ شكل
ونجد الأغلب منهنّ ليس لديها قدرةً على الدّعوة على الله ونشر العلم ونقله للغيرِ
وترفضُ إلقاء المواعظ ونقلَ الفوائد وطرحَ الدّروس رغم أنّها تملك شيئاً من العلم
والأعذارُ في هذا واهيةً لا تقومُ لها حجّة أبداً !!






فقد تكون مثلاً :
_ الخوفُ من الفشل

_ الحياء والخجل من خطابِ النّاس
_ خوفُ السّخرية والاستهزاء
_ عدم الاعتزاز بالنفس في أنّها ليست أهلاً لنقل العلم

وهناك أسبابٌ كثيرة أخرى ولكن هذه أهمّها

:






:
ولكن عندما نستحضر الآية
في قوله تعالى :
{
وَمَنْ أحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ } فصلت 33

ونتأمّل في أنّ الدّعوة إلى الله ربّما قد تكون أفضل من قيام الليل
حيث أنّ قيام الليل فائدته على الشّخص نفسه
ولكن الدّعوة إلى الله فائدتها مُتعدّية للآخرين
فلو أنّ أحداً دعا عدداً من النّاس فقاموا الليل ،
فيكون عملهم في ميزان حسناته بإذن الله تعالى

:



:
ونتذكّر حديث النبي صلى الله عليه وسلم
(
فضلُ العالم على العابد، كفضلِي على أدناكم ، إنّ الله عزّ و جلّ و ملائكته ،
و أهل السّموات والأرض ، حتّى النّملة في جحرها ، و حتّى الحوت ، ليصلّون على مُعلّم النّاس الخير
)
الرّاوي: موقع الدّرر السّنية - الموسوعة الحديثية - من حديث أبي أمامة الباهلي
المحدث:
السيوطي - المصدر: الجامع الصغير - الصفحة أو الرقم: 5859
خلاصة حكم المحدث : صحيح

والحديث الآخر :
(
منْ دعا إلى هُدى كانَ لهُ من الأجرِ مثلَ أجرِ منْ اتّبعهُ لم ينتقص منْ أُجورهِم شيئاً ،
و منْ دعا إلى ضلالةٍ كانَ عليه من الإثم مثلَ آثام من اتّبعه لا ينقص من آثامهم شيئاً
)
الرّاوي : أبو هريرة المحدث : الألباني - المصدر : تخريج كتاب السّنة - الصفحة أو الرقم : 113
خلاصة حكم المحدث : صحيح

:





:

وقد كان يحزّ هذا كثيراً في نفسي
وكيف أنّ أهل الباطل يفخرون بباطلهم ..
وأهل الحقّ يُصيبهم الخجل من الصّدع بالحقّ !

ولهذا كان لديّ هدفٌ حاولت - وما زلت بحمد الله - القيام به قدر المستطاع
وسألتُ الله العون في إعداد داعياتٍ قدر الإمكان حتّى ولو في بيوتهنّ
وحاولتُ - بتوفيق الله - على الأقل زرع بذرةٍ صغيرةٍ داخل نفوسهنّ
لينطلقن في طريق الدّعوة إلى الله بعد ذلك بإذنِ الله .

ومن باب الثّقة بالله أنّ الخير موجود في هذه الأمّة
وأنّ عطاء الله غير محدود ؛
فربّما هذه التي وفّقك الله وقدمتِ لها يد المساعدة
حتّى أصبح لديها القدرة على الوقوف أمام النّاس
وأصبحت تقوم بإلقاء الدّروس والدّعوة إلى الله
فربّما يهتدي أحدٌ على يدها فيكون في ميزان حسناتكِ وحسناتها
وتنالين الأجر - بإذن الله - من هذا الباب العظيم






وهذا الهدف لا بدّ أن يكون همّاً يهمّنا كلّنا دوماً ، وينبضُ في عروقِ كلّ منّا
وهي أن ندعو إلى الله ونحثّ غيرنا على الدّعوة إليه بأيّ طريقٍ ممكن

ولا بدّ أولاً وقبل كلّ شيء اللجوء إلى الله تعالى
تضرّعاً ودعاءً بأن يفتحَ علينا أبواب الخير
ويرزقنا من واسعِ رزقه في أن نكونَ مفاتيحَ للخير مغاليقَ للشرّ
وأن يُصلح لنا النيّة ويرزقنا الإخلاص والقبول في القول والعمل
ثمّ فزع القلب الدّائم إليه أن يُعيننا في كلّ أمورنا
فنستعين به ونتيقّن أن ما نقوم به ليس بحولنا ولا بقوّتنا
ولكنّه فضلٌ من الله أن أعاننا ورزقنا الحول والقوّة منه سبحانه
فله الحمد وحده أولاً وأخيراً

:





:


لن أتحدّث هُنا عن كُتب طلب العلم لأنّ هذا ليس هو موضوعي
ولكن سأتحدّث عن الطّريقة التّي تُعين على التّدرّج في تبليغ الدّعوة
والتّي تمّ تطبيقها بحمد الله عدة مرات ، وكان لها الأثر الطيّب بفضله سبحانه
أيّ الطريقة العملية للتدّرب على إلقاء الدّروس وتبليغ الفوائد





وهذه الطريقة تُفيدكِ في حالة كنتِ أنتِ وأخواتكِ في الله معاً
أو كنتِ تريدين مساعدة غيركِ بها في ملتقياتٍ او مراكز


وهي عبارة عمّا يلي :

أن نختار مجموعة من الأخوات ( مثلاً ستة أخوات )
وتُخصّص فترة
10 دقائق لكلّ واحدة منهنّ
ويتمّ اختيار فقرات معيّنة توزّع عليهنّ

مثل ما يلي :

1. تفسير آية
2. حديث مع توضيح معناه
3. حكم فقهي تحتاجه النساء
4. خلق أو أدب إسلامي كالصّدق مثلاً
5. قصّة وعبرة من الماضي أو الحاضر
(
مع مراعاة التّأكّد من صحتها )
6. تحذير من معصية معيّنة مثل الغيبة والنميمة
7. أخطاء في العقيدة أو ألفاظ مخالفة للعقيدة

مع مراعاة عدّة نقاط في اختيار هذه الفقرات وهي :
_ صحة المنهج والعقيدة
_ توثيق الآيات وصحة الأحاديث
_ سهولة الأسلوب وجماله



= ومن الممكن أن يكرّر عقد مثل هذه اللقاءات
بنفس الطّريقة السّابقة حتّى تشمل كلّ الحاضرات المُشاركات


=
ثمّ تبدأ المرحلة الثّانية بزيادة الوقت لكلّ واحدة منهن تدريجياً
وممكن أن تُوزّع عليهنّ كتيبات يقمن بتلخيصها
كلّ كتيب عن موضوع مُحدّد مثل الإخلاص أو الصّبر

= وتتدرّج زيادة الوقت مع انتقاء الكتب الطيّبة
الصّحيحة المنهج ، البسيطة في الطرح
حتى تصل الأخت مع الوقت لإلقاء درسٍ كامل لوحدها بإذن الله


:





سيكون هُناك في البداية بعض التردّد والخجل والخوف
وربّما يقع الخطأ ، ولكن لا بأس من هذا
فلا أحد يُولد من بطن أمّه عالماً داعية لله
ولكن مع الاستمرار بالدّعاء والتبرّؤ من الحول والقوّة
واستمرار الاستعانة بالله حتى يفتح الله علينا بإذن الله
ونلزم إحسان الظنّ بالله ، ونصدق مع الله فسيصدقنا الله

ونحذر من العُجب بالعمل حتّى لا يفسد العمل ويردّ على العامل
ودائماً لنرجع بالفضل لله وحده ونسأل الله الإخلاص والقبول






ومن المهمّ أثناء هذه المراحل كلّها مراعاة ما يلي :

1. تواجُد عدد محدود من الأخوات يجمعهنّ رابط الأخوّة والمودّة والتفّهم
لأنّ هذا يعتبر تدريبٌ على الدّعوة ، ومسألة الخطأ واردةٌ جداً في هذه الفترة

2. عدم الضّحك أو الاستهزاء أو السّخرية إن وقع خطأ من إحداهنّ لأنّ هذا سيكون له أثرٌ عكسي سلبي عليها

3. أخذ الأمر بجدّية واهتمام ، والتّذكير بأنّ هذه الخطوات ربّما تكون خطواتها للجنّة بإذن الله

4.
لا بدّ من أن تسود روح التآلف والمزح الخفيف أحياناً ، حتى لا تملّ النفوس ترافقها الابتسامة الهادئة

5. التّحذير من الشّعور بالعلو والكِبرِ داخل النفس ، فربّما نقلنا العلم لمن هو خير وأعلى منّا مكانة عند الله
فالأمر أمر قلوب ؛ وليس الأمر أمر ألسِنَةٍ وكلام !

6. التّشجيع الدّائم - وإن أخطأتْ - والثّناء بلا مبالغة ، ولو وُجدت بعض التّنبيهات فلتكن بينكِ وبينها

7. الرّبط دائماً بالله ، فإن أُغلِقَ عليها مرة فنسيتْ معلومة أو عجزتْ عن الكلام
فلتستعِنْ بـ (
لاحول ولا قوّة إلا بالله ) فيفتح الله عليها بإذنِ الله

8. في البداية ربّما تقرأ الأخت من دفترها قراءة ، ولكن مع الوقت وبتوفيق الله يتحسّن عطاؤها
فتضع نقاطاً وتشرحها من ذهنها بلا قراءة بحمد الله وتوفيقه
فلا تستعجل (
فلا بدّ أن ينبت الزّرع يوماً ما )

:




:

ومن تجربتي مع بعض الغاليات وفقهنّ الله

=
أذكر فتاة كانت معنا في ملتقى وكانت في المرحلة المتوسّطة
وبعد التّشجيع بحمدِ الله طلبت هي بنفسها الاشتراك في تقديم فوائد
وتقول : هذه أول مرة أتجرّؤ فيها على الوقوف أمام النّاس ،
وقد كان آخر عهدي بهذا في الصفّ الثالث ابتدائي .
وقد أنجزتْ ما عليها في ذلك اليوم بحمد الله وتوفيقه بكلّ إتقان وتميّز
:
=
والقصّة الثانية كانت لأختٍ غاليةٍ أُخرى لم تكن تُفكّر مجرّد تفكير ..
في أنّها من الممكن أن تقف وتتكلّم أمام أحدٍ من النّاس
ولكنّها بحمد الله وتوفيقه بعد اشتراكها فيما سبق
ذهبت للتّحفيظ ثمّ أصبحت معلّمةً فيهِ بحمد الله وتوفيقه
والحمد لله على عطائه وفضله لهما
:



:

وقد كان هذا كلّه بتوفيق الله وحده فله الحمد حمداً كثيراً طيّباً مباركاً فيه
وليس لي فيه فضلٌ وإنّما هو فضل الله وحده ورزقٌ ساقه الله إليهما

كما أنّ الله ساق هذا الموضوع لمن يقرؤه هنا بفضله وحده
وقد كان مُقدّراً أن يصل هذا الكلام لكلّ من يقرؤه هنا
إمّا عن طريقي أو عن طريق غيري
ولكنّ لله الحمد والمنّة أن شرّفني بإيصاله لكم
فله الحمد كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه

وأسأل الله أن ينفعني وينفع الجميع بما كتبت
وأسأله سبحانه الإخلاص والقبول

اللهم آآآمين

وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين
وصلّى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلّم

:

أختكم الدّاعية الى الله والرّاجية رضاه
قطــرات