الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على صاحب الهدي الرشيد والخلق الحميد سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه الطيبين الطاهرين، أما بعد :

تخيل بعد أن تنتهي حياة المرء ويأتيه الأجل ثم يحملوه ويوضع في قبره، يبدأ يتذكر ما جنته يداه في حياته، ولن أخوض في أي شيء، بل سأكتفي بفريضة الصلاة، التي هي عماد الدين، وهي الركن الثاني من أركان هذا الدين الحنيف، وفاتحة أعمالك عند الله تعالى، وأول ما يحاسب عنه العبد في القبر ويوم القيامة، وهي التي إن أديتها بخشوعها كانت سبباً أولاً في دخولك الجنان، فهي كما وصفها أهل العلم أفضل ما يتقرب به المتقربون إلى ربهم.....

تخيلوا بعد كل هذا الوصف الذي سمعتموه عن أهم فرض في هذا الدين، تخيلوا أن يقف المرء لينتظر الحساب ويأخذ كتابه فينظر فإذا بصلواته أنصاف أجر وأرباع أجر وسدس وعشر وربما لا أجر على الإطلاق...

الحقيقة أنه لن يصيب هذا الإنسان يوم القيامة العجب، لأنه يعلم تماماً كيف كانت صلاته... فمرة صلاها بسرعة و أخرى بفكر مشوش، و ثالثة وهو يفكر بالأسهم، ورابعة وهو يفكر بأولاده وسيارته، وخامسة بمحله وتجارته،وهكذا... ثم يتذكر حديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي سيهزه هزاً، حيث قال عليه الصلاة والسلام: (( ليس للمرء من صلاته إلا ما عقل منها)).... فليصف عندئذٍ كل امرئ مشاعره وصدمته والخيبة والخسران التي سيجنيها كل من لم يهتم بصلاته في دنياه....