صحي مازن من نومه بعد الظهر, وكون مازن شاب يقضي معظم وقته صائعاً بين ما يحذف الهواء نحوه, فيومه يفقتر للاداره, لا انه يبحث عن نظام في حياته, فمازن مغمور حتى اذنيه بما قدمت له قريحه المنحرفين الاجانب من ملابس, تفتقر كثيراً لمعنى كلمه ملابس, لان الناظر اليها من كوكب اخر, ربما يطلق عليها اسم شراتيح. ناهيك عن انغماسه بحفظ اخر البوم لمطربته المفضله والتي هي تستحي ان تطلق على نفسها لقب مطربه, لانها بذلك تجلس في منصه المطربات الحقيقين وهذا مالا تود ان تفعله خجلاً على نفسها امامهم, وضحكاتهم المخفيه بين ردهات اسئلتهم الكثيره عن رائيها في سلم موسيقي ما. ليس هذا وحسب وانما غرق صاحبنا مازن بكل ما في الدنيا من عدم استقرار او اتجاه, مما يجود به الغرب عليه وعلى جيله المسكين من افكار جهنميه. صحي مازن متعب وجائع, وسرعان ما توجه الى الثلاجه يقصد طعاماً, فراى قطعه واحده في صندوق اجبان مستورده في الثلاجه. غضب وراح يزبد من شده الغضب, ولكنه تمالك اعصابه عندما وجد ان ليس هناك احد من اهله يبادله الزعيق الذي يشابه الى حد قريب صوت مطربته اللبنانيه المفضله. قبل بما وجد من طعام, وجلس الى الطاوله وامسك بالصندوق الكرتوني الانيق بين يديه, وقبل ان يفتحه وقع نظره على مكان الصنع فكان في مملكه الدنمارك. تذكر حينها انه تهادى الى سمعه قبل عده ايام بين احد الفواصل الاخباريه المحدوده بين (الموسيقى) الصاخبه الدائمه على قناه (سوا) انه كان قد سمع ان المسلمين غاضبون على مملكه الدنمارك لمحاولات مثقفيها (لا سمح الله) تحقير الرسول الكريم. عندها نظر الى قطعه الجبن وراح يفكر كيف ان قطعه صغيره كهذه لن تؤثر على دوله تصدر الاف الاطنان من الاجبان. وبسرعه خاطفه لف قطعه الجنه بنصف رغيف والتهمها. وما ان وصلت اللقمه حلقه الا وتوقفت. نظر حوله بوجل وسرعه لشربه ماء فلم يجد, هرول الى الثلاجه فوجد ان اخيه الاصغر على عادته اعاد الابريق الى الثلاجه دون ان يملئه, قفز باتجاه الحنفيه, وفتحها وبعض الراحه يلتفه, ولكنه اكتشف وهو يفتح الحنفيه على مصراعيها, ان الماء مقطوع, فما نزلت قطره من ماء واحده. بداء وجهه بالتحول للون الازرق, خصوصاً وان غضبه المعهود كان قد التفه الى جانب شعوره بالذنب باكل قطعه الجبن, فحاول ان يتقيئ فلم يستطع, وسقط على الارض مغشياً عليه, وازادادت زرقه جسده, وفقد تسارع تنفسه, وفقد قلبه القدره على النبض, وفقد دماغه الكثير من الهواء. احمرت عيناه وهي تنظر الى قطعه صغيره من الورق موضوعه على ابريق مملؤ بالماء ليس بعيداً عنه, بخط اخيه الاصغر, كتب عليها ان لايستعمل الماء الا للشرب لان الماء مقطوع. كانت معلومه متاخره بعض الوقت عندما سقطت يديه على الارض بعد ان خسرت حربها امام الحق. مات مازن, مات مازن.

نظرت روحه الى جسده الميت بلا حراك ملقى على الارض حزناً وغضباً على غبائه وهي في طريقها الى جهنم ان استخسْر صاحبها بحبيب الله قطعه جبن مستورده.