نية حسنة، نوايا سيئة

فاطمة القحطاني





ومعاناة هي تلك التي تكون نتيجة حسن النية، لترتبط في النهاية في أذهان كثيرين إلى نوع من السذاجة أو الغفلة ومعهما التندر والسخرية!



ردة الفعل الاجتماعي السريعة تكاد تصف أصحاب النية الحسنة بأنهم غير طبيعيين في ظل واقع معقد ومتصارع، تعلو فيه (الأنا) على ما عداها، وليكون حب الذات أولاً قبل حب الناس. وهي نرجسية مغلفة ليس بتحقيق مصلحة شخصية لكن هذه المصلحة تقوم بالأساس على الإساءة للآخرين والإضرار بهم معنوياً ونفسياً..



وإذا كان أحد الفلاسفة قد قال ان الطريق إلى جهنم معبد بالنوايا الطيبة، إلا أن الواقع يؤكد أن كثيرين دفعوا ثمناً فادحاً نظير طيبتهم، والتي استغلها بعض الخبثاء أو ذوي النوايا السيئة أسوأ استغلال، وهناك العديد من القضايا التي قد تصل إلى المحاكم.. ولا داعي لسردها.



ومع أنه لا وجود لتشريع يحاسب على النوايا، إلا أن الكثير من النوايا السيئة نرى نتائجها، ونسمع عنها، بدءاً من أقدم نية سيئة عبر التاريخ، وهي نية ابن آدم قابيل بقتل أخيه هابيل، والتي تتكرر باستمرار ، وحتى نوايا الإساءة والمغالطة وتبني الباطل التي تنتشر كالنار في الهشيم في كل مكان كجزء من التركيبة البشرية متعددة التناقضات.

بالتأكيد يوجد بعض هؤلاء الذين لا يحسنون الظن، ويفترضون سوء النية مقدماً، مع أن الخلق القويم يفترض حسن النوايا. والحياة تتغير في كل لحظة ... الآن هناك عتمة وحتما سيأتي النور. ...



والناظر لحالنا يرى العجب بالفعل .. ففي تصرفاتنا وأفعالنا وأقوالنا نبدو كأننا ضمنا بشكل قاطع أننا سنحيا للغد، وبالتالي تطول القائمة الثأرية: أكره فلان .. أبغض علان ... هذا لن أسامحه وهذا سوف أرد له الصاع صاعين .. لن أتسامح .. لن أتنازل ... أريد أن أفعل كذا وكذا وأخطط لكذا وأجلب كذا و..و.... الخ، أفكار وخطط ومشاريع ونوايا مبيتة وأشياء كثيرة نفكر فيها ونتبناها ونعتزم فعلها وننسى في غمرة كل هذا ان شمس الغد قد تشرق ونحن خارج عداد الأحياء.



هل هناك من يستطيع أن يغمض عينيه، وهو راض عن نفسه، وعن الدنيا وليس في قلبه حمل على احد او ضغينة مبيتة او نية سيئة ... فمن يدري هل سيكتب له أن يفتح عينيه مجددا أم لا؟.







منقول
************************************************** *****