هل تذكرون قصة " صحفية ولكن " ..!!





.

هذا الجزء الثاني منهاا ...
ولكن بصياغة أخرى ، وبمعنى آخر ...
قد يكون في عمل آخر ، ولكن ،،
يَشمل نفس القصد.



..



الساعة تشير إلى السادسة والنصف صباحاً..!!

ياه .. لقد تأخرت عن موعد العمل ، فمتى ألبس ثيابي وأحتسي قهوتي وأوضب نفسي

اليوم لدي موعد هام مع رئيس التحرير ، .. هناك خبر هام طرأ ليلة أمس عن مقتل وزير (...) وشاعت الأخبار عنه في كل البلاد ، بل في كل العالم


. .


والآن تجري التحقيقات من السلطات العليا عن مقتله والتحقيق في هذا الأمر

ويجب أن يكون لي مقال يشد الأنظار ، بعد استلامي لوظيفتي الجديدة ...

والأهم من ذلك ، الحافز القوي بينه وبين الوظيفة القديمة التي طُردتُ منها شر طردة

فلا يجب أن أغضب رئيسي علي ، وأن أعمل بكل ما أوتيتُ من قوة ، من أجل إتباث وجودي ، وخبرتي الشخصية في الميدان ، وتحقيق رغباته ، والتخلي عن طموحات في ظل الانتقام والشهرة ،،

وأغيظ به رئيسي القديم .. ،

.
.


اللهم لاتشغلني إلا بطاعتك ... ،


يقول لي ضميري : ...

انطلاقة جديدة موفقة ، ولكن لا تنسي المبدأ الأول الذي بدأتِ من أجله ...

ولا تنسي القيم التي تربيتِ عليها ، وسمو عيشكِ لأجلها تكونين وتفنين عمرك ..

وأولى بداياتك كانت خاطئة ، فتذكرتِ أن لك موعداً مع رئيس عملك ، وأجرك فيها ، ونسيتِ صلاة الفجر وعظم أجرها

ومرتبة بلوغك القدر عند مليكك .. !!

رميتُ بفكر ضميري عرض الحائط ، ومشيتُ نحو هوى نفسي ، فلم أعد أسمعُ غير هواها والتمني .. ~



اللهم لا تشغلني إلا بطاعتك ،’

. .


دخلتُ المكتب وأنا في كامل زينتي وبهائي ، ورشاقة جسمي ، وعطري الذي يُشم من مسافاآت ، ويبقى لساعات ، يَتبع ظِلي ...

وحذائي المسنن ، الذي .. يشق الأرض فيعلم الجميع أنني أتيت ،،

فيستقبلني الجميع بابتسامة مشرقة وأولهم رئيسي ... يالسعادتهم بي ، وأنا في تلك الهيئة ~

فأجد سطح مكتبي مرتباً وملمعاً حتى أرى فيه وجهي.. ( ولكن لا أرى ذاتي الداخلية ، وخيبة أملي ، فيما وصلتُ إليه )

وزهور على الحافة حمراء ، بلون دم الغزال وعطرها ومنظرها يتعدى الخيال ..

وأريكة ، تحس أنك على شط البحر ، مريحة المقعد ، وخفيفة المأخذ ... ياااهاه ، أهو مكتب عمل ، أم استجماآم .. !!

أيمكن للمظهر أن يغيَّر حالي من حااآآل .. !!


عاد ضميري ليقول لي : ...

المرء بجوهره وليس بمظهره ، فيكفيكِ أن تكوني متزينة بخلق الإسلام ، والحشمة تنير دربك ، وتزيين مركزك

فلا يهم رضا الناس من حولك ، بقدر ما يهم رضا رب العالمين عليك ..

فلا يغرُوكِ ، فقد تكبرين يوماً ، ويتجعد جلدك ، وتبلى صفاتك ، وَيفنى شبابك ، و.... ولا يبقى سوى عملك ..




اللهم لا تشغلني إلا بطاعتك .. ~


. .



وكأني لم أسمع شيئاً من هذا ، مابه ضميري ، ..!! ؟

أصابه مرض الهوس ، أم تصدت عليه الأفكار القديمة ، ... !!

إنه الجرس يرن ،، من ؟ السكرتير .. اُدخل ، ماذا لديك ؟

هذه آخر التقارير التي وصلتنا من عند الزملاء الصحفيين ، ونرجوا أن توقعي عليها قبلُ ، ومن ثم يكون الختم عند الرئيس ..

حاضر ، سوف أرى في أمرها .. ،

هناك تقارير ، عن وضع طلبات للمساعدة في دور العجزة والمستشفيات والحالات الطارئة ..

وطلب تبرعات من الجمعيات الخاصة للعامة ، والدعم المادي والمعنوي للمراكز الصحية للأطفال ...

وغيرها من الطلبات الضرورية ، وحتى المستعجلة .. ،

أففف ... إنه موضوع متعب ولا نأخذ منه إلا وجع الرأس ، ويأخذ منا وقتاً كبيراً لتوصيله ،

وتُعمَّر بِه معظم الصفحاات ...

سوف أخصص له الجزء ما قبل الأخير في صفحة معتزلة ، في شرح مبسط ،’

آه ، وماذا هنااك أيضاا .. ؟

أمممم ، تقارير ، عن الجولة الختامية لألعاب العالم ، والإحصائيات الختامية للدورة ، ومجموع الميداليات التي فازت بها مجمع الدول العربية ،، أممم ، يبدو أنه مسلّ ٍ ... وذو أهمية للكثير من المتصفحين ،،

سوف أخصص له صفحتين ، ومع عرض خاص للصورة في أول صفحة ، كي يتسنى للجميع رؤيته ،.. ممتاز جداً ...

أهاه ، وهناك آ خر المستجدات عن مقتل الوزير ، وإشاعات عن بعض القنوات ، والاختلافات فيما بينها ...

يبدو أنها وجبة دسمة ، لا بد أن أقتني منها ...



اللهم لا تشغلني إلا بطاعتك ... ،


. .



أه : .. وهناك أخبار عن زواج النجم حسام ، بالراقصة نفين ، وبعض ماطرأ حول هذا الزواج ... وآخر أخبار الفنان فلان ، والفنانة فلانة ... ، ولا أنسى أن أخصص صفحة لأهم أنواع الموضة الغربية التي دخلت السوق ، كي يكون لنا عرض خاص ، ومداخل جديدة تجارية

وأهم العطورات والمكياج ، بالصور ، ويستحسن أن تكون وجوه ملفتة للأنظار ، ...

وهناك خبر لا يحتمل التأجيل ، عن حفل ستقيمه وزارة الثقافة بالقاعة العامة ، لنخبة مشهورة من الفنانين ، يجب أن نضع الإعلان عنه في أول صفحة ~


اللهم لا تشغلني إلا بطاعتك .. ،


. .



وهناك أخبار دولية ، سأحاول تلخيصها فيما بعد ...

اه ، بقي لي هناك طلب آخر ، وليس أخيراً .. منشط يقترح علي فكرة ، أممم ، ماهي ؟

.

أن تكون في جريدتنا صفحة عن مواقيت الصلاة في كل مناطق الوطن ، وبعض الأذكار الصباحية والمسائية من السنن الصحيحة ، كي يتسنى للجميع معرفة الوقت ، ويتذكر وقت الصلاة وهو يقرأ الجريدة اليومية

وحذف ، الصور النسائية التي تثير الإغراء ، وخاصةً في أول صفحة ، وكذا الأبراج التي تتبرأ منها سنة الحبيب المصطفى ،’

.

و....

ياااه ، لقد جُنَ هذا الصحفي ، لقد ذَّكرني بأول أيامي الصحفية ، حين كنت أرى العالم بنظرة متخَّلفة ، رجعية ... ومنظار ضييق ، لا يتسع إلا لأفكاري الخرافية


آه ، الحمد لله أنني تمكنت من العبور بسلام ، وإدراك موقفي ، وتطوير مستواي المهني


العالم الآن في تطور مستمر ، ونحن لا زلنا نفكر بهذه الفتيفتات ... !!


هذه الورقة ستمزق ، وينبه طَالبها عن عدم المعاودة في كتابة مثل هذه الطلبات .. ..

.
.


اللهم لا تشغلني إلا بطاعتك .. ،


. .



لملمتُ الأوراق التي وافقتُ عليها (( بل وافقت عليها هوى نفسك والغرور )) وأعدتُ ترتيبها

فأول أساسياتي ، أن يفتخر رئيسي بي ، وأن تكون مربحة للجريدة ، ومدعمة للمجلة ، وتلفت أنظار القارئ ، وخاصة الشب%ل ضميري : ...

شتان بين حلم الماضي واليوم .. !!



اللهم لا تشغلني إلا بطاعتك ... ،


. .



جمعتُ الموافقات في ملف خاص ، وحملته لرئيسي للختم النهائي // ؛؛

أول ما دخلتُ إلى مكتبه ، بعد دقة خفيفة ، وتحية لطيفة وابتسامة ظريفة ...

قام من كرسيه كي يستقبلني ، بكلمات رقيقة ، وتحية خاصة ، من دون كل البقية ~

فمددت يدي إليه لأصافحه بعدما كنت أمدها للمحارم فقط ، وكان أهون علي أن أغرز مخيطاً في يدي ...


اللهم لا تشغلني إلا بطاعتك .. ،


. .



وبمقدمة مختلطة بين العمل والصداقة ، وملؤها إغراء وجهٍ وماآل ...

قدمت له العرض الذي وافقت عليه (( قلتُ سابقاا بل قدمه هوى نفسك ، فيقي من غفلتك ))

أحسست أنه قد وافق عليها من دون أن يقرأها ، ... انتهى لقاؤنا ، ولقد شاء أن يكون أطول ...

المهم أن تلك الأوراق وصلت ، والطلبات كذلك لقد تمت الموافقة عليها ... ماذا لدي الآن .. ؟


اللهم لا تشغلني إلا بطاعتك ... ،


. .


أُعجب رئيسي بي ، بل وطار فرحاا ، وخصص لي مركزاً هاماً في الركن ، وزاد من أجرتي ، بالإضافة إلى رحلات مجانية على حساب الجريدة .. ،

وااوووو ... ياله من تألق ... ويالها من شهرة ~

نعم إنها الشهرة الحقيقية التي لم يتعدى حلمي إلى الوصول لهاآ ..

هاقد وصلت الآن إلى القمم .. وهاآ قد تحقق الحلم


. .

قال لي ضميري : ...

ليتك لم تحلمي يوماا ،%..!!

أين صفحات المسكين بين طعم الشهرة والتألق ، والعلو ، و... أين هو أين ؟؟

ذاآب كقطعة جليدية وسط حرارة التألق والتعلق بالمال ... فماعاد يملأ جوفك سوى التراب ..


اللهم لا تشغلني إلا بطاعتك ... ،





لم تنتهي قصتنا إلى هذا الحد..
فكل ماسهل جمعه ، سهل تفرقه
وكل مرء معرض في دنياه إلى الفتن ،’
وتجربة الفقر والغنى ،’
نسأل الله أن يجنبنا الفتن ماظهر منها وما بطن.