زار واحدا من أصدقاء والده رحمه الله ابتلي هو أيضا بفقدان زوجته رحمها الله و أسكنها فسيح جنّاته ,
و عاد ليحكي لي كم صديق والده متاثّر بمصابه و كم بكى و شهق لفقدان رفيقة دربه
و كيف أنّ اولاده عجزوا عن تصبيره و شد أزره فقال لهم الوالد من ضمن ما قال : أسكتوا و ابتعدوا عنّي ,
فإنّها لم تقل لي لا أبدا خلال اثنين و خمسين سنة عشتها معها بحلوها و مرّها.
سكتّ قليلا , ثم قلت مازحة : آه رحمها الله , و نحن اليوم نقول 52 لا في الدقيقة الواحدة .
قال : أرأيت !!؟؟
قلت :و لكن هذا خطأ , فالحياة الزوجية مشاركة و تشاور ,
و ليس أن يتسلّط الرجل على المرأة , و لا ان يطالبها بالطاعة العمياء .
قال : هذا رأيك .
بدأ الدم يغلي في عروقي و بدأت دقّات قلبي تتسارع , لأنّ ملامح معركة بيننا لاحت في الأفق ,
فقلت : أليست أمّنا عائشة رضي الله عنها إن كانت راضية قالت لرسول الله صلى الله عليه و سلم : لا و رب محمد ,
و إن كانت غاضبة منه صلى الله عليه و سلم قالت : لا و رب ابراهيم .
حتى قال لها رسول الله صلى الله عليه و سلم : (في معنى الحديث ):إنّي لأعرف غضبك من رضاك ,
فقالت رضي الله عنها : كيف يا رسول الله ؟ قال : إن كنت راضية قلت لا و رب محمد ,
و إن كنت غضبى قلت لا و رب ابراهيم ,قالت : صدقت إنّما اهجر اسمك .

و تابعت بحدّة : ألم يهجر رسول الله صلى الله عليه و سلم زوجاته شهرا كاملا ؟
معنى ذلك أنّه كانت نقاشات بينه صلى الله عليه و سلم و بين زوجاته رضوان الله عليهن جميعا ,
و هو المؤيّد بالوحي من فوق سبع سماوات .
سكت و علامات التذمّر بادية على وجهه من تقطيبة حاجبيه.
فاستلمته أيضا :ألم يعجبك حديثي ؟
قال : حكينا حكاية أصبحنا في حااااالة .
قلت : لم يعجبكم الخطأ و تتمنّونه واقعا ؟
قال : هاهو زوجها يتذّكر فضلها و يحفظ ذكراها .
قلت : أظنّ أنّ ما يجمعنا أكبر بكثير من أن لا أقول لك لا او أن تتمنّاه واقعا ,
و سكتّ لأحمل بعدها جهازي و أكتب لك :هل تقولين نعم دائما أعجبك الامر ام لم يعجبك ؟
هل تقولين لا مخالفة و فقط و ندّية في زوجك ؟
أم على حسب الموقف و رأيك الخاص لك و إن تعرّضت السفينة لأمواج عاتية خفضت جناح الذّل من الرحمة .
أنا عن نفسي موقفي هو الثالث : أي أناقش ,
لكن إن كان الامر يتحمل عواقبه وحده فاتركه يتحمل مسؤوليته و يرى نتيجة قراراته و لا اعيد تذكيره بخطئه ,
لكن إن كان اختياره صائبا و اختياري أنا خطأ فأشكره على حسن الإختيار و .......و ....تعلمن .
في انتظاركن حبيباتي .