ثاني أيام عيد الفطر المبارك إتصلت به هاتفيا حيث انه يقيم في مدينه اخرى
تبعد عني الآف الأميال وكاعادتنا تجاذبا اطراف الحديث ، قال سوف انهي المكاله وأعود للإتصال بك بعد قليل
في أمان الله يا أختي الغالية

مرت الساعة تلو الساعه و لم يهاتفني كما وعدني و هذه ليست من عادته
انتابني القلق جائني احساس غريب قلق غير عادي جعلني اعاود الإتصال
ولكن لا من مجيب ، زاد قلقي اكثر فكرت احادث اختي التي تقيم معه في نفس المدينه
لم يعجبني ردها و ولا انهائها للمكاله السريعه ، اعدت الإتصال بها ، استفسرت عن أخانا
بدأت تتلعثم ادركت حينها ان هناك خطب ما ، قلقي اذا كان في محله
وبسرعه قلت هل حدث مكروه لأخينا ؟ نزلت كلماتها في اذني كاسهام النار
لقد سقط من مكان مرتفع اثناء عمله و هو الأن في المشفى لا يستطيع الحركة

و بسرعة قالت لا تقلقي هو بخير الأطباء سوف يقوموا بالواجب ، أأأأأأأه يا أخي الحبيب ماذا حل بك ، لطفك يا إلهي .....
قلبي ليس مطمئن أختي لم تقل لي الحقيقه ، صوتها قلقها غير عادي
لم تمضي سوى دقائق حتى اعدت الإتصال و مرة اخرى و بدأت التحقيق مع شقيقتي
لتلقي علي الخبر الذي نزل على رأسي كالساعقه

الأطباء يشكون بحاله شلل نصفي تعرض لها بسبب سقوطه من المكان المرتفع
ولكن ربما بعد إجراء العملية الجراحية في عاموده الفقري تمكن من السير .

كنت اتلقى الكلمات و المكان يدور بي ، لساني اصبح يلهج بالدعاء ، نبضات قلبي تتسارع
انهيت المكالمه و اسرعت بالوضوء انطرحت بين يدي الله تعالى ادعوه و اسأله اللطف بأخي
قرة عيني ، حاولت ان اهدء نفسي اواسيها في وحدتي في غربتي ، زوجي في عمله
اصبحت اعد الثواني حتى يحضر كي يئآزرني في هذه اللحظات العصيبه
لم اجد في وحدتي سوى الله تعالى اسأله و اطلب منه العون فهو الأعلم بحالي .

مر الوقت بطيئ جدا ما بين الدموع و الدعاء
علم زوجي بالخبر وقام بسرعة جزاه الله خيرا بالحجز في اسرع رحله جويه
كانت الرحلة طويله ، قضيتها بذكر الله كي اصبر نفسي و اواسيها ، كنت ادعمها و احثها على الصبر
كنت اقول لنفسي إن أنا لم احتمل الصدمه كيف لي أن اقف بقرب أخي و باقي أخواتي هناك
أنا أكبرهم سننا و دائما يعودون لي حين يتعرضون لأي مشكله ، كيف ابدو امامهم منهاره ؟
لالالا أنا معي الله و سوف يقويني لن اكف عن الإستغفار و التسبيح و التهليل و الذكر
وهكذا كان ، فالله الحمد و المنه هدأت نفسي كثيرا بحول الله و قوته
وصلت لأجد اخواتي في حاله انهيار ، لقد اخبرهم الطبيب ان العملية لا بد منها و لكن ان يعود أخي للوقوف
والمشي هذا ضعيف جدا و ربما معدوم ، يا الله صبرنا و رضنا بقضائك ياارب .

تماسكت جدا امام اخواتي و اصبحت اخفف عنهم و احثهم على الذكر و طلب العون من الله
كم هو رائع التمسك بحبل الله ، كم هو جميل هذا الإحساس انك تشعر بقرب الله منك فتصبح الأمور بنظرك
ابسط و اقل هولا ، التسليم بقضاء الله شيئ رائع لا يملكه إلا من صبر و احتسب .

.........
وصلنا المشفى الذي يرقد فيه أخي الحبيب
رأيته احتضنته دعوت ربي ان يشفيه و يعافيه و يعود للمشي على قدميه كما كان

بعد الإنتهاء من الفحوصات االازمة تقرر موعد العمليه
اخبرنا الطبيب انها عملية كبيره جدا و مخاطرها ايضا كبيره
وربما يحدث امر اثناء العمليه لم يكن متوقع ، كان كلام الطبيب مخيف
حين طلب منا ان ندعوا الله كثيرا ، اللهم سلم سلم يا الله .

مرت ساعات العمليه بطيئه جدا حوالي 7 ساعات و اكثر
خرج أخيرا من غرفة العمليات و كانت قلوبنا تخفق والسنتنا تلهث بالدعاء للباري سبحانه و تعالى
ان ينجيه من مضاعفاتها ، توقف القلب لديه و احتاج للصدمات الكهربائيه
اللهم لك الحمد لقد استقرت حالته اخيرا
ولكن ما اخبرنا به الطبيب كان قاسي جدا على قلوبنا
لقد اخبرنا بعدم قدره اخينا على المشي مرة اخرى
هو مصاب بالشلل النصفي و سوف يكمل بقية حياته على كرسي متحرك
يا الله اصبح أخي بين عشية و ضحاها من ذوي الإحتياجات الخاصة
تلك الشاب الذي لا يعرف الجلوس ، الذي هو عبارة عن شعلة من النشاط و الحيويه
كيف له ان يقضي بقيه حياته على هذا الكرسي ، يا الله صبر قلوبنا
يااارب املأ قلب أخي بالصبر و الرضا ياارب
.........

سورة البقرة قرأتها بنية الشفاء ما قدر لي الله ان اقرأها
الحمد لله على كل حال ، هذه الآية الكريمة لم تفارق لساني

الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَـــةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ

رَاجِعونَ 156 أُولَـئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّـــــهِمْ

وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ 157) سورة البقرة




جلس في العناية المركزه حوالي 18 يوم
تعرض خلالها لعدة مضاعفات على اثر الجراحه الكبيره ، منها التهاب رأوي حاد
ونزف في الرئة ، تعرض لغيبوبه لعدة ايام و نجاه الله منها ، اللهم لك الحمد و لك الشكر .
لم افارقة خلالها ابدا



مرت الأيام لخرج من المشفى ويدخل مشفى اخر خاص بالتأهيل
مررنا بمرحلة اخرى من التهيئة النفسيه و التهيئة البدنية
وما اعقبها من امور ، هو لا يشعر بنصفة الأسفل بتاتا
لا يستطيع ان يقلب نفسه على فراشة ، لا يستطيع ان يقضي حاجته
يا إلهي صبرنا ياارب
بدءنا نعيش الواقع الأليم و بدأ دوري يكبر و الصعوبه تزيد
اصبحت بنسبة له كل شيئ لا يريد ان افارقة لحظه ، فشعوره هذا طبيعي بعد كل تلك المعاناة
أما شعوري فربي وحده العالم به ، اصبح علي ان اتعلم كيفية العنايه به من الى ......
اذا انا اصبحت الممرضة و الأم و الناصحة و المشجعه و الموجهه
القوة التي منحني الله تعالى اياها لم اكن انا نفسي اتوقعها ،
( طبعاً الم اطلب العون من خالقي وأنا موقنة بالإجابة حتما سوف احصل عليها
)
.........
سبحانك ربي ما اعظمك ، كنت اتذكر و اذكر أخي بهذه الكلمات العظيمة
من وفقه الله
للصبر عنـد وجود هذه المصائب، فحبس نفسه
عـــن التسخــط قولا وفعلا واحتسب أجرها عند
الله ، وعلم أن ما يدركه من الأجر بصبره أعظم
من المصيبة التــــي حصـــلت له ، بل المصيبة
تكون نعمة في حقه لأنها صارت طريقا لحصول
ما هو خير له وأنفع منها ، فقـد امتثل أمر الله،
وفــاز بالــثواب ، فلهـــذا قـــال تعــالى ( وَبَشِّرِ

الصَّابِرِينَ) أي:بشرهم بأنهم يوفون أجرهم بغير
حسـاب . فالصابرين ، هم الذين فازوا بالبشارة
العظيمة والمنحة الجسيمة، ثم وصفهم بقولـــه
( الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ ) وهي كل ما يؤلم
القلب أو البدن أو كليهما مما تقدم ذكره ( قَالُواْ
إِنَّا لِلّهِ ) أي : مملوكون لله، مدبرون تحت أمره
وتصريفه، فليس لنا من أنفسنا وأموالنا شيء
فإذا ابتـــلانا بشيء منها ، فقد تصـــرف أرحم
الراحمين بممـــاليكـه وأموالهم ، فلا اعتراض
عليه، بل من كمال عبودية العبــــد علــمه بأن
وقـوع البلية من المالك الحكـــيم الذي أرحـــم
بعبده من نفسه فيوجب له ذلك الرضا عن الله
والشكر له على تدبيره لما هو خير لعبده وإن
لم يشعر بذلك ، ومع أننا مملــوكون لله ، فإنا
إليه راجعــــون يــوم المعاد ، فمجاز كل عامل
بعمله، فإن صبرنا واحتسبنا وجـــدنا أجــــرنا
موفورا عنده ، وإن جزعنا وسخطنا ، لم يكن
حظنا إلا السخط وفوات الأجر.



.........
ومرت اسابيع التأهيل بكل ما فيها من علاجات نفسية وجسديه
وعدنا الى البيت لنبدأ مرحلة اخرى لا تقل صعوبه عن سابقاتها
اسابيع مرت كلها تدريب و تشجيع و دعم معنوي و نفسي
بحمد الله كان أخي صابرا محتسبا مطمئن النفس
كان الأطباء سعيدون جدا لرؤيتنا بقربه طول فترة علاجه ندعمه نفسيا ، كانوا يقولون ان الدعم النفسي للمريض
له اكبر الأثر على سرعة تعافيه و تقبله للوضع و تشجيعه وبالتالي تماثله للشفاء بحول الله تعالى .

وتمر الأيام و تتحسن حالته رويدا رويدا
اصبح يتعايش مع وضعه ومتقبله راضي يقضاء الله تعالى
اشهر كثيره مرت حتى اصبح يخدم نفسه بنفسه و لله الحمد و المنه .
.........
الأن وقد مضى على هذا الحادث ثلاث سنوات كاملة
أخي اصبح من ذوي الإحتياجات الخاصة
لديه اعاقة في حركة الأقدام بسبب قطع العصب من العامون الفقري
الفقرة التي تسمى T 12 تهشمت تماما و استبدلت بأخرى حديد و ضعت مكان الفقره المتهشمة
الحمد لله على قضاء الله و قدره .

سوف اخبركم ايضا ان أخي هذا الذي يبلغ من العمر 42 عام متزوج من إمرأه صابره محتسبه
ولديه طفلتان جميلاتان ما شاء الله ، أسال الله العظيم ان يطرح بهما البركه و يجعلهما بارين بوالديهما .

ربما البعض يتسائل اين زوجته من كل هذا و لماذا أنا من كانت معه
اقول ان زوجته في تلك الأيام كانت في بلادها و لم تكن تستطيع الحضور هنا بسبب اجرائات الإقامه .

اعتذر عن الإطاله و اسأل الله العظيم رب العرش العظيم ان يشفي أخي و يشفي كل مريض
وان يرزق الأجر و الثواب العظيم لكل من يتعرض لحادث يفقدة نعمة من نعم الله
اسأله تعالى ان يلهمه الصبر و عظيم الأجر وأن يعوض صبرهم خير اللهم آمين .