عــاجــل : كــمــا وصــلــنــي !!

أكد علماء المرصد الياباني للزلازل والبراكين ، أن زلزالاً تزيد قوته على (7) درجات على مقياس رختر !! سوف يضرب قاع البحر الأحمر خلال الأسبوع القادم
وسينجم عنه تكوَّن موجة تسونامي قد يصل ارتفاعها إلى عشرة أمتار وتتسبب في غرق المدن الساحلية المُطلة على البحر الأحمر بما فيها مدينة جدة التي يتوقع أن تطالها الموجة وتتسبب في غرقها بالكامل ، لذا، ننصح سكان محافظة جدة بإخلاء مساكنهم والسفر إلى خارجها قبل وقوع الكارثة !!

أيها السادة والسيدات الإخوة والأخوات ..

ما قرأتموه أعلاه مجرد عينة من عينات كثيرة لرسائل تصلنا بين الفينة والأخرى عبر أجهزة التقنية الحديثة المتنوعة ، من تلكم الرسائل ما هو تحذيري كما في العينة أعلاه، ومنها ما هو ترغيبي أو تحفيزي ، ومنها ما هو تحريضي إما تجاه أشخاص أو دول ، أو دعائي لبضائع أو منتجات وتحذيري من أخرى لشركات منافسة !! .. وغيرها من الرسائل الكثيرة المضلِّلة في غالبها الأعم .

كثيراً ما تسببت مثل تلكم الرسائل في مآسي كثيرة ومشاكل جمَّة لبعض من يُصدِّق ويُسلِّم بمضمونها ، فكم من أناسٍ صُدموا نفسياً، وكم من أناسٍ مرضوا، وكم من زوجة طُلِّقت ، وكم من بيوت هُدمت وخُرِّبت بعد أن كانت عامرة هانئة مُطمئنة، بل وأحياناً يصل الأمر إلى حد الدفع بالبعض إلى قتل الغير أو الانتحار !! ..

وعلى الرغم من أنه قد يكون من الواضح لكل ذي لُبِّ وفطنة ونباهة ومن خلال صياغة مضمون الرسالة أنها غير صحيحة، إلا أن أحد أهم الأسباب –من وجهة نظري- التي قد تؤدي بالبعض إلى القبول بمحتوى تلكم الرسائل والاطمئنان لصحة ما فيها ولو كان غير صحيح ، أنها قد تأتي من أشخاص ينظر إليهم المتلقِّي على أنهم ثقاة وكل ما يصدر منهم أو يأتي من طريقهم هو صحيح غير قابل للشك أو الطعن أو الرد !! .. ثم بعد ذلك يُصبح المتلقِّي مُرسلاً بدوره لتلكم الرسائل إلى أشخاص آخرين ينظرون إليه هو الآخر بعين الثقة والاطمئنان ليتلقونها منه ثم يُرسلونها لغيرهم، وهكذا دواليك !! .

وعندما يتضح للجميع ، سواء من كان مُتلقياً لتلكم الرسائل أو مرسلاً لها ، أن ما كانت تحتويه لم يكن سوى مجرد شائعات لا أساس لها من الصحة ، وعندما يقع لأحدهم ما يجعله يندم حين لا ينفع الندم ، ويجعله يُعاتب حين لم يعد هناك مكان ولا مجال للعتب ، وعندما تهتز ثقته بمن كان يثق بهم، وكذلك تهتز ثقة الغير به، وعند البحث عن مخرج للمأزق الذي وقعوا فيه جميعهم .. تجد الجميع يحتمي ويتوارى خلف عبارة :

كما وصلني !!

وكأن هذا العبارة تُحرر الشخص من قيود التثبت والتحري، وتُعفيه من تحمل المسؤولية القانونية والأخلاقية وتبعات ما يترتب على نقله لمثل تلكم الرسائل .

بالإضافة إلى ما سبق إيراده وتم إيضاحه ، فإنه تجدر الإشارة إلى نوع آخر من الرسائل قد لا يقل أهمية عمَّا ذُكر أعلاه أو قد يكون أهم ، ألا وهي الرسائل ذات الطابع الديني ، تلك الرسائل التي تحتوي على ترهيب أو ترغيب ويُسرد فيها الكثير من الأحاديث الموضوعة والمكذوبة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، وقد تتسبب بعض مضامينها في إصابة بعض الجهلة من عامة الناس بالقنوط واليأس من رحمة الله أو نقيض ذلك من التساهل والتفريط في حق الله وحقوق العباد .

وعادة ما تُختم تلكم الرسائل بعبارات إيحائية تحفيزية تشجيعية أو تخويفية تقريعية، تجعل البعض لا يتوانى عن إرسالها دون أن يُكلف نفسه عناء البحث عن مدى صحة فحواها من عدمه، بل لا يُكلف نفسه حتى مجرد عرضها على من يكون لديه علم بمحتواها، من قبيل : (انشر تؤجر) و(أنشر ولا تتردد) و(لا تدعها تقف عندك) و(لا تحرم نفسك الأجر)، وما شابه من تلك العبارات .

ولا يخلو حال أحدنا إذا وصلته مثل تلكم الرسائل من أحد أمرين :

إما أن يكون عالماً بما فيها من صواب وصحة فيُرسله بلا تردد ويؤجر على ذلك لنشره الخير والعلم .

وإما أن يكون غير عالم بمدى صحة وصواب ما فيها، فيكون أمامه إما إرساله لمن حباه الله علماً شرعياً ، أو لا أقلَّ من عدم إرسالها للغير لوجود الشك بصحة مضمونها وعدم اليقين بصوابه .

والله تعالى أعلم وأحكم ..

تحياتي ،،،
بقلم الكاتب : ناصح

قد يعجبك أيضاً ...

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *