PDA

View Full Version : ظاهرة الزواج السري أو الخفي أو ما يسمي المسيار






أبو عبدالرحمن
26-01-2002, 09:10 AM
أفرز آثاراً اجتماعية سالبة وسببه ازدياد نسبة العوانس
زواج "المسيار".. هل أثر على تكوين قاعدة تأسيسية سليمة للأسرة العربية؟

جدة: منـال الشـريف
تنتشر ظاهرة غريبة في المجتمعات العربية والإسلامية ظاهرة الزواج السري أو الخفي أو ما يسمي المسيار الذي كان أحد أهم المشكلات التي نتجت عن قضية غلاء المهور والتي تظل المشكلة القديمة والحديثة التي قتلت بحثاً وجواباً ورداً بين الكثير من المسئولين وأصحاب الأقلام وما سببته للعديد من العائلات من مشاكل سلبية أثرت على تكوين قاعدة تأسيسية سليمة للأسرة العربية ، وترجع أسباب انتشار هذا الزواج لشعور الشباب أنهم لن يستطيعوا تحمل أعبائه ولو في المستقبل القريب.
وقد تكون هناك أسباب أخرى كثيرة تدفع البعض للسقوط في مصيدة الزواج السري كعدم انسجام الزوجين أو الرغبة في التعدد أو اللهو والتسلية و قد يلجأ الرجل العربي للزواج السري خوفاً من الزوجة الأولى أو لرغبته في الزواج من أخرى دون أن تغضب شريكة العمر وأم الأولاد .
أو قد تكون هناك فوارق اجتماعية كبيرة بين الطرفين كأن يعجب الرجل بامرأة جميلة ولكن يضطر إلى إخفاء الزواج لهويتها أو مكانتها الاجتماعية فربما يقع صاحب المنزل بحب خادمة ويتزوجها ويخشى أن يواجه المجتمع بهذه الزيجة .
أو قد تعجب المرأة بسائقها فتتزوجه وتخفي هذا الزواج حتى لا تقع تحت براثن الهمز واللمز بين الناس .
والسبب الجوهري في انتشار هذا الزواج هو أزدياد نسبة العوانس أو من فقدت الفرصة الذهبية للزواج ...... تقف صحيفة (الوطن) وتبحث خلف الأسوار عن تلك القصص ومن هم أبطالها..
تقول السيدة رويدا محمد معلمة ثانوي (من الخبر) اضطررت للقبول بزواج المسيار لأنه قد فاتني قطار الزواج وأتشوق أن أكون أماً قبل فوات الأوان لذلك قبلت بهذا الزواج الذي لم يزيدني سوى حسرة ونقمة على كل الرجال.
تزوجت وأنا في سن الخامسة والأربعين بشاب لم يتجاوز الثلاثين من عمره وكان متوسط الحال لا يتجاوز راتبه 2500 ريال ولا يمكن أن ينفق على زوجة وبيت بهذا الراتب وحين تقدم لخطبتي قال لي أنا لا يوجد لدي مال لكي أنفق على زوجة ومنزل وأولاد وأريد أن أتزوج زواج المسيار فهو الذي يناسبني في الوقت الحالي.
فاستشرت بعض الشيوخ في هذا الأمر خصوصاً أن هذا الشاب ذو نسب ولم يسبق له الزواج فقط كانت العقبة الوحيدة هي المال فوافق أهلي رغماً عنهم وبإصراري الشديد على إتمام هذا الزواج.
فتزوجت ومكثت مع أهلي بالطبع في نفس المنزل وكان يأتي تقريباً كل يوم يقضي نصف النهار تقريباً عندنا ويأكل ويشرب ويطالب بخدمته وغسل ملابسه فوافقت في البداية ولكن استمر على ذلك حتى وصل الأمر أن أصرف عليه من جيبي الخاص وأصبحت هناك مشادة بينه وبين أخوتي في وضع مبلغ بسيط للمساعدة فرفض وكأنه أراد أن أتكفل به واصرف عليه وأسكنه أيضاً وساءت الظروف حتى أن وصل الأمر إلى طرده من المنزل من قبل أخي.
وعندما أردنا الإصلاح طالبت بأقل ما يمكن أن تحصل عليه أي زوجة وهو المسكن فرفض وقال نحن لم نشترط أن يكون هناك أي مسكن أو نفقة... فعندما ذكر ذلك أمام أعمامي وأخوتي ضاقت الدنيا بي وشعرت فعلاً أنني رخيصة خصوصاً أنني حامل وعلى وشك الولادة فطلبت منه الطلاق لأنه لا يريد أن يتحمل أي مسؤولية يريد زوجة وأولاداً دون مال وليس لديه مانع أن يأكل ويشرب ويسكن أيضاً دون مال فالمرأة لديه وعاء يقضي به شهوته ويتركها ويرحل.
تقول السيدة وفاء أحمد معلمة ثانوي 42 عاماً مكة المكرمة ( بعد تخرجي من الجامعة انتظرت العريس الذي لم يأت أبداًَ وإن أتى إما أن يكون متزوجاً ويريدني الزوجة الثانية أو الثالثة وإما مطلق ويريدني أن أربي له أبناءه ومكثت هكذا أتشرط في القبول بالزواج حتى بلغت الخمسة والثلاثين عاماً ولم أتزوج فتقدم لخطبتي رجل لا يتجاوز الخمسين من عمره وعلى درجة كبيرة من العلم والمكانة الاجتماعية المرموقة ولكن اشترط أن يكون زواجنا مختصراً جداً ومقتصراً على الأهل فقط وأن لا يعلم به أحد كذلك لا يقدر على المبيت بسبب زوجته الأولى فهو لا يريد أن يعلم أحد بزواجه مني ولا يريد أن يعلم أبناؤه أيضاً ، كان هذا شرطه وهو متكفل بجميع النفقة والمصاريف وأن أعيش مع أهلي .
فوافقت بالطبع على ذلك وأعتقد أنه زواج سعيد لأنه وقت مجيئه يخبرني ونقضي مع بعضنا أجمل الأوقات وبعدها أخرج مع صديقاتي وأسهر معهن فلدي سائق ومال يكفيني فماذا تريد المرأة أكثر من ذلك ، أنا أنصح جميع الفتيات اللواتي فاتهن القطار أن يتزوجن ولا يتركن أنفسهن هكذا دون زواج.
تقول السيدة وداد حامد مديرة مدرسة في مدينة (مكة المكرمة) أنا امرأة مطلقة منذ فترة طويلة ولم يكن لدي أطفال وجاء سائق مغربي أصغر عمراً مني بحوالي العشر السنوات ولكنه مستقيم يخاف الله ومن عائلة مغربية كريمة حتى تعرفت على والدته عندما قدمت للحج والعمرة ووجدت أنهم من أطيب الناس ما لم أجده في أقرب الأقرباء ففكرت بالزواج به بعد أن طلب يدي.
قمت بمشاورة العديد من صديقاتي وأهلي فجميعهم رفضوا وبشدة فاتهموني بالجنون بسبب أنني كسرت الحواجز وجمعت بين الطبقات فكيف أتزوج بسائق ونسوا أن هذا السائق قد يكون أفضل من الكثير من الشباب وأفضل من عائلات لها اسم ومكانة هنا فماذا تريد المرأة في الرجل عائلته أم رجولته ومساندته للمرأة فهو لا يملك المال ولكنه موجود لدي فقط أريد زوجاً يصونني من نوائب الزمان أريد رجلاً استند عليه في وقت الشدة أريد أبناء وأريد أن أفني شبابي في تربيتهم فلماذا أسلب هذا الحق.
ومن دون أي مشاكل تم عقد القران وكان شاهداً على العقد أخي الذي يكبرني ولكن بالسر والخفية ودون إعلام أحد من المعارف والأصدقاء وعشت معه في بداية الأمر سعيدة جداً ثم بدأت المشكلات المالية تدب بيننا فهو يريد أن يكون لديه حساب خاص في البنك وأن يرسل متى شاء إلى أهله في المغرب وطبعاً كان من حسابي الخاص إلى أن تفاقمت بيننا المشكلات خصوصاً رفضه أن أنجب أبناء ولكني أنجبت أبني فؤاد رغماً عنه ففاجأني بالطلاق بالفعل كان زواجاً غير عادي ولكنه استمر ست سنوات.
يقول الأستاذ خالد عبد الغني موظف حكومي (الرياض) ( إن زواج المسيار قد يكون مسلكه شرعياً ولكنه جانب إيجابي في صالح الرجل وجانب سلبي جداً في جانب المرأة.
فالمرأة التي تقبل هذا الزواج سوف تشعر بأنها أقل من قريناتها اللواتي يتنعمن مع أزواجهن طيلة العمر في صباحه ومسائه وفي غدوه وترحاله حينما يأكل تكون معه وحينما ينام تكون معه تؤانسه ويؤانسها أنا أعتقد أنه هو الزواج الحقيقي ليس فقط للمعاشرة الجنسية والخروج فوراً خوفاً من المطالب التي قد تنهار عليه والحقوق التي يهرب منها... ولماذا يهرب هل يهرب من شرع الله فالزواج هو شرع الله ولماذا لا يكمل هذا.
يقول الأستاذ عبد الواحد اليمني إمام مسجد في مدينة جدة ( في الحقيقة زواج المسيار زواج شرعي لا مناص من ذلك ولكن هناك بعض الحالات التي لابد أن يخفي بها الرجل زواجه حتى لا يشيع أمره ويتهدم البيت الأول وتغضب الزوجة الأولى والأولاد فقد تزوجت زواج المسيار منذ أربع سنوات بخادمه إندونيسية كانت في منزلي وحتى لا أرتكب الحرام تزوجتها وأسكنتها في منزل هي وعائلتها وكان شرطنا في العقد أن لا تخبر أحداً أننا متزوجان وأن لا تطالب بالمبيت أبداً ومكثت هكذا حتى أن رزقنا بطفلين وأعيش معها في غاية الرضى وبعدها قد أبلغت زوجتي التي غضبت وطالبت الطلاق ولكنها هداها الله أخيراً.
تقول الدكتورة شادية محمد كعكي أستاذ مساعد بقسم الدراسات الإسلامية كلية الآداب جامعة الملك عبد العزيز بجدة (إن بعض الشيوخ قاموا بإطلاق الجواز على زواج المسيار وبعضهم أنكره والذي يترتب على الإيجابية والسلبية لهذه القضية وسبب الاختلاف .
زواج المسيار أو الذي قد يكون خفياً فهو مأخوذ من التستر فكأن الزوجة في هذا الزواج تكون محطة ينزل فيها الزوج بعض الوقت ثم يسير ويتركها .
هذا الزواج إذا توفرت فيه أركان الزواج الشرعي وشروطه فهو زواج شرعي صحيح وما يحصل فيه من إسقاط لبعض الحقوق الثابتة شرعاً لكل من الزوجين فإن كان ذلك شرطاً في العقد :فالشرط باطل والعقد صحيح ، وإن كان ذلك بعد العقد فلكل إنسان أن يسقط أي حق ثابت له كما أن له أن يستوفيه .
ولكن الذي تنبغي ملاحظته أن الحقوق الزوجية كحق النفقة للزوجة وحق المبيت حقوق متجددة بمعنى أنه إذا تم إسقاطها اليوم فمن حق الزوجة المطالبة بها غداً، بقي أن يقال إنه إذا طالبت الزوجة بحقوقها التي أسقطتها فيما بعد قد يطلقها زوجها .
وهذا الأمر لا تملك حياله سوى النصيحة للأزواج بأن يتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة.
وبعد ذلك ما لم أستطع قوله حيال هذا الزواج أنه لا ينبغي التعميم بجواز هذا الزواج أو بمنعه .
لأن الزواج أمر يقوم بين طرفين وقد يضطر الإنسان أو يحتاج إلى ما يحتاج إليه الآخر فهو أمر يقرره من يريد هذا الزواج طبعاً إذا تم وفق المعايير والشرعية.
هناك من يعتقد أن هذا الزواج له عواقب وخيمة تفتك بالمجتمعات وتهدم أواصر بناء الأسرة المسلمة .
نحن مسلمون ولابد أن نحكم شرع الله عز وجل والله سبحانه وتعالى يقول (وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم).
والله سبحانه وتعالى قد شرع الزواج بصورة معينة لتتحقق المقاصد التي شرع لأجلها فلو تم هذا الزواج وأسقطت المرأة بعض الحقوق فيه ثم طالبت بها بعد ذلك فيجب على الزوج أن يؤديها لها وعندئذ تتحقق المصلحة وتبنى الأسر ولا تهدم.
كما أن النظرة العامة لزواج المسيار أنه زواج صحيح والنظرة إليه هي النظرة لأي زوجين مع النصح للزوج بأن يؤدي الحقوق التي أوجبها الله عليه وإن رضيت المرأة بإسقاطها حفاظاً على هذا الزواج، وفي رأيي الشخصي أن زواج المسيار هو زواج الجبناء إلا للمضطر.
أبناء هذا الزواج
أما بالنسبة لأبناء هذا الزواج فهو زواج صحيح ينسب كل إلى أبيه ولا يحق لمسلم أن يسخر من مسلم أو غيره.
ويجب على الزوج الإنفاق على أبنائه وإن أشترط عدم ذلك لأن هذا الشرط باطل ولا تستطيع الزوجة أن تسقطه لأنه حق الأبناء وليس حقاً لها .وفي حالة أن أسقطت المرأة بعض حقوقها من نفقة وغيرها ولم تطالب بها فهذا لا يعني إسقاط حق الزوج عليها في الطاعة مثلاً إلا إذا أسقطه هو فعلاً .
الفشل أم النجاح لهذا الزواج؟
هذا الأمر يحتاج إلى استفتاء والذي يظهر لي أن هذا الزواج بصورته التي نسمعها لا يستمر طويلاً فإما أن تطالب المرأة بحقوقها ويعود الزواج إلى وضعه الطبيعي وإما أن يفترقا .
هناك كلمات أريد أن أهمس بها في أذن كل رجل يخاف الله وهي أن المرأة التي تسقط حقها بهذه الطريقة لا تسقطه وهي راضية كل الرضى بل لظروف تضطرها إلى قبول مثل هذا الزواج لعدم وجود عائل أو الخوف من الوقوع في المحظور وهي أسرة ينبغي احترامها ومعاملتها كما يجب أن تعامل أخته أو ابنته وأن يتقي الله فيها قال تعالى "واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيباً".
وكلمة أوجهها في أذن كل امرأة لا تقدمي على هذا الزواج فالله سبحانه وتعالى يقول "وليستعفف الذين لا يجدون نكاحاً حتى يغنيهم الله من فضله". الزمي العفة والله يغنيك بزوج صالح يؤدي إليك حقوقك كاملة ، وكلمة أوجهها للمجتمع: يسروا أمور الزواج وأقبلوا ما شرعه الله فيه .
* ويؤكد ما قالته الدكتورة شادية وكيل محكمة أ القاضي بالمحكمة الشرعية الكبري بجدة فضيلة الشيخ إبراهيم صالح القني بأن جميع ما تفضلت به الدكتورة صحيح لا غبار عليه وقبل سنتين كان هناك إقبال مخيف على هذا الزواج والسبب في قلة تكاليفه هروباً من الالتزامات الزوجية والنفقة والصرف اللا محدود ولكن سرعان ما انتقصت الاعداد بسبب إدراك الكثير بعواقب هذا الزواج فهناك سلبيات كثيرة وقعت أكثر من الايجابيات كذلك أصبح هناك وعي واضح للأسس السليمة لقيام عقد نكاح فإن لم يكن واقعاً على أساس متين فسوف ينهار بمجرد أي خلل.
جريدة الوطن