المحاضرة الثالثة :
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اخواتي الكريمات ..
محاضرة اليوم ستكون بمشيئة الله
عن القبعة الصفراء والسوداء
قبعتان مهمة جدا يندرج تحتها
أسلوب تفكير خاص في وقت محدد بأوضاع محددة
وعلى قدر أهميتها تكمن خطورتها
قبعات اليوم متناقضتان من حيث زاوية التفكير
لكنهما مكملتان لبعضهما في كثير من الأحيان
والإفراط بواحدة يعني التفريط بالأخرى
لذلك سأدمج بعض فقرات التطبيق العملي معاً
لتتضح الصورة بشكل أكبر
وكالمعتاد قبل أن نغوص في التفاصيل سنجدد الإتفاق:
أنت يا غالية المخاطبة , لا تلتفتي هنا وهناك
وشريط ذكرياتك يمر سريعا أمامك
للبحث بجدية عن مواطن الخلل التي قد واجهتك
ولتفادي ما قد يأتي في المستقبل
إذا بسم الله توكلنا على الله ..
القبعة الصفراء :
الايجابية والفوائد
بمعنى أنها تركز على :
الجدوى والفوائد
فهي تطرح هذه الأسئلة على مرتديها :
. ما هي الفوائد؟
· هل يمكننا تطبيق هذا المفهوم الجذاب؟
· هل يمكن تعديل هذه الفكرة حتى تصبح قابلة للتنفيذ ؟
· هل يمكننا تعديل النظام الحالي؟
· تبحث عن الفوائد المرئية والكامنة
أما النقاط الأساسية :
· تتطلب بذل بعض الجهد
· اقل تلقائية مقارنة بالقبعة السوداء
· تشجع الأفكار الإبداعية والمبتكرة
مزايا وخصائص القبعة الصفراء :
ارخص , أسرع , ابسط , المتانة
بمعنى أنها لا تكلف صاحبها شيئاً
تستخدم القبعة الصفراء في المواقف التالية:
· لدى طرح فكرة جديدة
· عند حدوث تغيير أو تعديل أساسي
· عندما ينظر إلى فكرة ما بأسلوب سلبي
قد تحتاجين استخدام القبعة الصفراء في بداية تسلسل التفكير:
للبحث عن المزايا أولاً
ولتستكشفي قيمة اقتراح أو فكرة ما
أو لتجنب عناء البحث عن معلومات إذا لم يوجد فوائد بائنة للفكرة
وتستخدم قبل القبعة السوداء التي تركز على السلبيات
إذ أن السلبيات قد تحجب الايجابيات
وسنتطرق للقبعة السوداء بإسهاب أكثر بإذن الله
وقد تستخدام القبعة الصفراء في وسط تسلسل التفكير:
وذلك لإيجاد الفوائد في مقترحات القبعة الخضراء
والتي سنسهب ايضا في شرحها قريبا بأذن الله
البحث عن قيمة إضافية بعد استخدام القبعة السوداء
بانسبة للزمن المحدد فكما اتفقنا هي كغيرها من القبعات
· يسمح بثلاث إلى أربع دقائق لكل قبعة
· أعلن الوقت المحدد لكل قبعة
· يجوز تمديد الوقت إذا توالت الأفكار المقترحة
طبعا عدا القبعة الحمراء يسمح لها بثلاثين ثانية كحد أقصى
هذه أهم النقاط المتعلقة بالقبعة الصفراء
وسنبحر الأن أكثر في تفاصيلها وبالأمثلة من أرض الواقع
حتى تتضح الرؤية أكثر..
مرتدي هذه القبعة يفكر بإيجابية ويبحث عن الميزات فقط
إنه متفائل ومستعد للتجريب
يُركز على احتمالات النجاح و يُقلل احتمالات الفشل
وعندما تطرح فكرة للنقاش فإنه لا يبحث إلا عن فوائدها
إنه لا يستعمل المشاعر و الإنفعالات
بوضوح بل يستعمل المنطق بصورة إيجابية .
يهتم بالفرص المتاحة و يحرص على استغلالها .
هكذا هو المؤمن مشرق متفائل محسن الظن
بربه ولا عجب فحاله كله خير
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"عجباً لأمر المؤمن إن أمره كله له خيرٌ،
وليس ذلك لأحدٍ إلا للمؤمن: إن أصابته
سراء شكر فكان خيراً له، وإن أصابته
ضراء صبر فكان خيراً له".
رواه مسلم.
أتعلمين كيف يكون هذا ..؟؟
المؤمن يرتدي القبعة الصفراء رضى بالقضاء والقدر
لأنها خير معين ليتصبر في هذه الدنيا على ما قد يصيبه
فالصبر على المصيبة والصبر على الطاعة والصبر
عن المعصية لا يكون إلا بالقبعة الصفراء
فلا يرى مرتديها إلا الجانب المشرق من كل ما يمر عليه
التفكير بالقبعة الصفراء يحتاجه المؤمن كثيراً
خاصة بعدما يرى الجوانب السلبية لموضوع ما
يعيد النظرة من جوانبه الإيجابية للتتزن الصورة
أكثر فتساعده في اتخاذ القرار المناسب
وقد تختصر له الطريق بدلاً من جمع المعلومات
الخاصة لفكرة ما يرى إيجابياتها أولاً فإن أقرها
يكمل المشوار ويشرع في الفكرة بالتسلسل المنطقي
كأني بك يا غالية تحدثين نفسك أنها الأفضل
وقد عزمت النية أن ترتدينها .
لكن أقول لك على رسلك
فالإكثار منها أو تعدى الوقت المحدد يعتبر
تهور لأنها تجلب المتاعب لصاحبها
بل في بعض المواقف يجب عليك خلعها .
في فترة الشباب يُكثر المرء من ارتداء القبعة الصفراء
فإن تلازم هذا مع إصرار وعدم الإستفادة من خبرات
الأخرين فإنها تورد صاحبها المهالك
فكم فتاة فاتها قطار الزواج وهي تمنى نفسها بالحصول
على شهادات عليا للتتفاجئ يوم لا ينفع الندم بأن
وجود الأبناء لا يقدر بثمن
قد تكون تلقت قبل هذا التحذير بخطر قادم لكنها
أسهبت كثيراً في استخدام القبعة الصفراء لتحصد
نتيجة قرارها بعد حين
فترة الخطوبة والتي مع الأسف تطول في كثير من الأحيان
ترتدي الفتاة القبعة الصفراء وتخرج بحرية تامة مع ذلك
الرجل الذي لازال أجنبي عنها لأنها لاترى إلا إيجابيات
الفكرة متفائلة بحياة زوجية سعيدة ومستعدة لأي
فكرة يطرحها خطيبها
وهنا قد تقع محاذير شرعية لا تحمد عقباها
يتأخر الموظف عن موعد الدوام :
فيتعطل المراجعين وتقل كفاءة العمل في تلك المؤسسة
وبكل استهتار نجد أن الموظف ارتدى القبعة الصفراء
وأسهب كثيراً فيها , لم يرى إلا الجانب المشرق في فكرة
النوم والسهر والتأخر عن مواعيد الإنضباط
الميزات هنا هي الراحة البدنية
إعطاء الابناء الحرية التامة بلا رقابة ولا قيود
ثم يتفاجئوا بخبر كالصاعقة ..!!
ابنهم مدمن مخدرات أو انخرط في وحل الرذيلة
هل تتوقعين أنهم يريدون تلك النهاية لفلذة الكبد ..؟؟
بالطبع لا ..!!
لكنهم ارتدوا القبعة الصفراء وطال زمن التفكير بمقتضاها
إذاً الإكثار والإسهاب في استخدام القبعة الصفراء أو تجاوز الزمن المطلوب
يولد الإستهتار والتهور والتسويف وهذا أصبح جلياً واضحاً في
حياتنا اليومية بل وعكس على مجتمعنا المسلم شيئاً من اللا مبالاة
والتخلف كثيراً عن ركب التطور والتقدم والحضارة ..
أما عدم استخدامها في وقتها المناسب
يؤدي إلى التشاؤم والنظرة السوداء للحياة مما
يقودنا نحو الإنهزامية وفوات الكثير من الفرص
وهذا يعني أنك استخدمت التفكير بطريقة
القبعة السوداء
وهي ايضاً في غير موضعها تورد المهالك.
ولتكتمل الصورة سنتعمق بمشيئة الله في القبعة السوداء ..
القبعة السوداء:
هي قبعة الحذر, المخاطر, المصاعب
تركز الإنتباه على :
· التفكير غير المناسب : الخبرات , الحقائق , الأنظمة , القيم .....
· الأخطاء
· المشاكل الأساسية
· غلطات المنطق
النقاط الأساسية للقبعة السوداء :
· قد توفر معلومات في بعض الأحيان والتي قد تتوافر بواسطة القبعة البيضاء
· لا تلجاء إلى حل المشاكل التي تظهر تحت القبعة السوداء فورا بمجرد ذكرها
· قبعة لها ذات قيمة وفائدة وضرورية
· تمنع وقوع الغلطات السخيفة
· تعري وتبين الصعوبات
· تسبب مشاكل جمة إذا زاد استخدامها
تستخدم القبعة السوداء في المواقف التالية:
· عندما دراسة مشرع أو فكرة ما
· عندما تبدو فكرة ما جذابة
· بعدما تتعرف القبعة الصفراء على المزايا والايجابيات
· عندما يحدث تغير في البيئة المحيطة
تستخدام القبعة السوداء في وسط تسلسل التفكير:
بعد القبعة الصفراء لتحدد المتاعب المتوقعة
والسؤال الذي يتردد دوما على مرتدي القبعة السوداء :
هل كل شيء على ما يرام؟
بانسبة للزمن المحدد فكما اتفقنا هي كغيرها من القبعات
· يسمح بثلاث إلى أربع دقائق لكل قبعة
· أعلن الوقت المحدد لكل قبعة
· يجوز تمديد الوقت إذا توالت الأفكار المقترحة
وكالمعتاد نشرح كل قبعة كنقاط ليحين دور الغوص
أكثر في مضمونها
فحياك الله يا غالية إقتربي بكل حذر ..
القبعة السوداء تعني الحذر والخوف والتفكير
في الأخطار والخسائر المتوقعة
من يرتديها لا يتفائل باحتمالات النجاح
لأنه يركز على التجارب الفاشلة والعوائق المحتملة
إنه ينتقد دوماً الأداء ويستعمل المنطق الصحيح
و أحياناً الغير صحيح في هذا
في ظاهر الأمر ارتداء هذه القبعة يوحي بالتشاؤم
لكنه أمر مطلوب عند اتخاذ القرار
وفي ظل التفكير المنطقي نحتاج ارتداء القبعة السوداء
في الوقت و الزمن المحدد
وهي تساعد مرتديها من تقليل احتمالات الأخطاء
والحمد لله على نعمة الإسلام الذي ارتقى بالمؤمن
ليكون حذر لا يلدغ من حجرٍ مرتين لأنه فطن كيِس
قال الرسول صلى الله عليه وسلم :
« لاَ يُلْدَغُ الْمُؤْمِنُ مِنْ جُحْرٍ وَاحِدٍ مَرَّتَيْنِ »
وكما ذكرت في بداية المحاضرة تداخل القبعيتن بشكل
كبير يجعل الإفراط بواحدة تفريط بالأخرى
فالإخفاق في ارتداء القبعة الصفراء بالتقصير يدل على
أنك استبدلتيها بالسوداء في الوقت الغير مناسب
وهذا يرسم مسارك في الحياة بتوجس وحذر زائد يقتل
الإبداع بل قد يضفي عليك التسليم بالوضع الراهن فلا
تقدم متوقع منك حينها ولا إنجاز
وما التخوف الزائد من العين والسحر إلا إحدى ثمار
التفكير بطريقة القبعة السوداء في الوقت الغير مناسب
أو بتجاوز الزمن المحدد
وأخشى أن يتجاوز هذا الأمر الحد المعقول ليصل
المرء لدرجة سوء الظن بربه فيخسر الدنيا والآخرة
يقول الحق سبحانه وتعالى في حديثه القدسي:
"أنا عند ظن عبدي بي إن ظن خيرًا فله وإن ظن شرًا فله".. رواه مسلم
الشك وسوء الظن بالأخرين
ايضاً هو من نتاج التفكير بطريقة القبعة السوداء في غير موضعها
لكن القرآن أوقف ذلك الباب بعدم قبول الظنون ما لم تزود بالمعلومات
اللازمة والحقائق الثابته قال تعالى:
يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيراً من الظن إن بعض الظن إثم ... الآية
و قال جل في علاه :
يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا
قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين
فالحياة الزوجية تكاد تنهار في كثير من بيوت المسلمين
بسبب الارتداء الخاطئ للقبعة في كثير من المواقف
تضييق الخناق على الطفل في لعبه هنا وهناك
تخوفاً عليه من المخاطر المحتملة والأمراض المعدية
ما هو إلا تفكير بطريقة القبعة السوداء ولكن بتجاوز الزمن المحدد
ومع الأسف فإنها قد تقتل إبداع طفلك و تقلل من نسبة ذكاءه
وتضيق نظرته للحياة بعدما كانت بحجم الكون مشرقة ومضيئة
الحذر الزائد على الابناء من رفقاء السوء
ومراقتهم الدائمة تورث ضعف الشخصية والتفكك
الأسري وانعدام الثقة بين كل الأطراف
هذا فيض من غيض يا أخيه
فاحذري أن تتخذي قرار بما تمليه عليك تلك القبعة
دور المحاكمة الأن :
ما رأيك الأن ألا تتفقي معي بأنك مخفقة بلا شك ..؟؟
فأنت إما ترتدين القبعة الصفراء دوماً أو السوداء باستمرار
بل وتتجاوزين الوقت المحدد
بمعنى أن شخصيتك وطبيعتك تملي عليك طريقة
التفكير لا الموقف الراهن ..!!
فإن كنت ذات إبتسامة مقبله دوماً على الحياة فأنك كذلك
مع المواقف لتقعي في الهفوات والأخطاء
و كنت أقرب للتشاؤم والحذر فإنك كذلك مع ما يواجهك
مما يفقدك الإقدام وحب المحاولة واستغلال الفرص و...و..
لا يا غالية ما هكذا يكون الاحتراف في التفكير
لا ينبغي أن تملي عليك طبيعة شخصيتكالتصرف
المناسب فتذهب بك هنا وهناك
إنما التفكير السليم المنطقي هو الذي يحدد نوع
تفاعلك مع المواقف المختلفة
كوني منصفة في وصف الصورة
وانظري للموقف بشكل أوسع وبجميع جوانبه
وقولي نصف الكوب ممتلئ والنصف الأخر فارغ
امسكي العصا من المنتصف فلا تفاؤل مفرط باستمرار
ولا نظرة سوداوية تلازمك
و تذكري قول الله تعالى :
(و عسى أن تكرهوا شيئا و هو خير لكم، و عسى أن تحبوا شيئا و هو شر لكم،
و الله يعلم و أنتم لا تعلمون) البقرة ( 216 )
هيا تقدمي خطوة أخرى يا غالية للأمام وبإشراقة المؤمن الفطن الحذر
سدي ثغرتك الثالثة والرابعة التي تعيقك من احتراف التفكير
تحكمي بأفكارك ووجهيها بالإتجاه المناسب
فلا أفراط ولا تفريط .
والمفاجئة المقدمة اليوم
تدريب واحد للقبعتين ..
من واقع تفكير القبعة الصفراء والسوداء اطرحي ملاحظاتك بما يتعلق بــــ :
أوضاع المسلمين المؤلمة في مشارق الأرض ومغاربها
تذكري :
القبعة الصفراء تبحث عن المزايا والإيجابيات
والقبعة السوداء تركز على المخاطر والحذر
الروابط المفضلة