تصلي العشاء وتجلس مع اسرتها قليلا تتناقش معهم في بعض الامور وجة نظرها شرعية وتؤيد كلامها بالاحاديث والايات
تتركهم لتدخل حجرتها لتنام وتجلس قبلها قليلا على الشبكة العنكبوتية
تتصفح بعض المواقع والمنتديات وتفتح صفحة وتغلق اخرى ويصيبها الفضول لمعرفة هذا الاعلان او اجابة تلك الدعوة الموجهة الى صندوق بريدها لدخول غرف الشات او مشاهدة برامج او مقاطع مليئة بالذنوب
تنغمس وحدها في عالم الذنوب والاثام
وجه اخر لتلك الملتزمة في عيون الناس
تنزل في رمضان لتصلي التراويح في المسجد وتعود لمنزلها وحدها لا تفارق التلفاز والمسلسلات الا على الفجر
اذا خلو بمحارم الله انتهكوها
ربما تكن تلك المراة هي انا او انت او صديقتك
ربما يكون الاثم الذي تقترفيه في خلوتك مختلف
قال الله تعالى مصورا هذا الحال :
( يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلاَ يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ
إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لاَ يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا ) النساء 108
كم من مرة خلوت بنفسك ففعلت من الذنوب مالا تجرؤين على فعله امام الناس؟
نتجمل امام البشر ونشوه صورتنا عند خالق البشر
يهمنا جدا رأي الناس فينا ولا نهتم برأي مالكنا وخالقنا سبحانه
الا تعلمين حجم تلك المصيبة؟
نعم مصيبة فان ذنبها لا يقتصر على ما فعلته فقط بل يحبط اعمالك الصالحة كلها
تلك التي فعلتيها وجاهدت نفسك فيها احبطت وصارت كأن لم تكن
فيا حسرتا
وهذا كلام النبي صلى الله عليه وسلم في حديث ثوبان
عن ثوبان (رضي الله عنه) عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-انه قال " لاعلمن اقواما من امتي يأتون يوم القيامة بحسنات أمثال جبال تهامة بيضا فيجعلها الله هباءا منثورا
قال ثوبان:يارسول الله صفهم لنا جلهم لنا ان لا نكون منهم ونحن لا نعلم
قال :اما انهم اخوانكم ومن جلدتكم ويأخذون من الليل ما تأخذون ولكنهم اقوام اذا خلوا بمحارم الله انتهكوها"
صححه الالباني في السلسلة الصحيحة برقم 505
هذا يعني ان هؤلاء البائسون المذكورون في الحديث كانوا يقومون الليل وسمتهم كسمت المؤمنين
لكن احبط الله كل اعمالهم لانهم لم يخشوا ربهم في سرهم
فقد كانوا في علانيتهم على حال وفي خلوتهم على حال غيره فقد تشبهوا بالمنافقين
قال ابن الجوزي في صيد الخاطر:
(رأيت اقوام من المنتسبين للعلم اهملو نظر الحق في الخلوات
فمحا الله محاسن ذكرهم في الجلوات فكانو موجودين كالمعدومين
لا حلاوة لرؤيتهم ولا قلب يحن الى لقائهم )
وهذا ايضا من وبال معصيتهم فلا يجعل الله لهم حسن ذكر ولا نصيب من الخير في قلوب المؤمنين برغم محاولتهم للظهور في احسن حال من الطاعة والايمان
قال بعضُ السلف
(ما أسرَّ عبدٌ سريرةً إلاّ أظهرها اللهُ على قسماتِ وجهه أو فلتاتِ لسانه).
ترى ما سبب تلك المصيبة وكيف نعالجها؟
كيف نرد الشيطان اذا وسوس لنا بمعصية في خلوتنا ؟
1.استحضار معية الله سبحانه ومراقبته لنا في كل وقت وحين (وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَمَا كُنْتُمْ) سورة المجادلة
فاذا راودتك نفسك لمعصية الله فتذكريه سبحانه لتخافي منه وذكري نفسك بصفاته
فهو السميع البصير يراك الان وانت تهمين بفعل تلك المعصية وسيحاسبك عليها
2. تعظيم الله في القلب واكباره ليفوق الخوف والحياء من الناس
فالله سبحانه اعظم قدرا واحق ان يستحيا منه
فالمخلوقين ليس بيدهم شئ ولا تؤثر نظرتهم لنا على دخولنا النار او الجنة
لكن رضا الله عنا يمثل سعادة الدارين
وهو المنتقم الجبار فبكلمة منه يضيع بصرك الذي ترين به المحرمات
او ربما عاقبك بمرض عاجل في الدنيا او مصيبة في بيتك ومالك وهذا شؤم المعصية
او اجل الله لك عقابك للآخرة وهو اصعب واخزى
(كَذَلِكَ الْعَذَابُ وَلَعَذَابُ الآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ) سورة القلم
3. التمسك بالصحبة الصالحة ومجالسة الصالحين معظم الوقت يطهر النفس ويرفع من همتها ويسمو باهدافها ويعين على مراقبة النفس
فحين تهمين بفعل معصية ستتذكرين صحبتك الصالحة وكلامهم وتستحين ان تكوني على حال مغاير فلا تكوني ممن اذا خلوا بمحارم الله انتهكوها
4.التوبة والندم وان تبدأ من جديد مع الله غافر الذنب وقابل التوب ليعفوا عن ما مضى من ذنوب ويتقبل ما تعمليه من حسنات
5.الاستعانة بالله واللجوء لبابه والوضوء وصلاة ركعتين او قراءة القرءان وشغل الوقت بالاستغفار فهذا من شأنه ان يبعد عن النفس خواطر المعصية ويقيم القلب الى الله والطاعات
والدعاء ان يعصمك من المعصية وينجيك من الشيطان
6.ان تحاول ان تنصح من حولك خاصة في الامر الذي تعصي الله فيه فهذا يجعلك تخجل من نفسك ومحاولتك لتقنع من امامك تقنعك ان اولا وتساعدك للتخلص من هذا الذنب الصعب على النفس
7.تخويف النفس بذكر الموت و القبر والنار فذلك مما يحفظ القلب ان يميل الى المعصية وكفانا في وصف النار تلك الايات
(كَلا إِنَّهَا لَظَى(15)نَزَّاعَةً لِلشَّوَى(16)تَدْعُواْ مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّى) سورة المعارج
وهذا من معانيها
قالثابت البناني : ( نزاعة للشوى ) أي : مكارم وجهه . وقال الحسن أيضا : تحرق كل شيء فيه ، ويبقى فؤاده يصيح . وقال قتادة : (نزاعة للشوى ) أي : نزاعة لهامته ومكارم وجهه وخلقه وأطرافه . وقال الضحاك : تبري اللحم والجلد عن العظم ، حتى لا تترك منه شيئا . وقال ابن زيد : الشوى : الآراب العظام ، فقوله : نزاعة ، قال : تقطع عظامهم ، ثم يجدد خلقهم وتبدل جلودهم
اعاذنا الله واياكم من النار
وتذكري ان الله قد يقبضك على هذه المعصية فيفضحك في الدنيا والآخرة
فلتفكري الف مرة قبل اقتراف الذنب واحسني الى الله في السر يحسن اليك
وقال ذو النون المصري
كان العلماءُ يتواعظون بثلاثٍ ويّكْتُبُ بعضُهم إلى بعض:
(من أحسن سريرتَه أحسنَ اللهُ علانيتهُ ومن أصلحَ ما بينه وبين اللهِ أصلحَ اللهُ ما بينه وبين الناس ومن أصلحَ أمر آخرتهِ ، أصلحَ اللهُ أمرَ دنياهُ)
واختم كلماتي بتلك الابيات الموعظة واسأل الله ان يحسن سرائرنا وعلانيتنا ويرزقنا خشيته
اذا ما خلوت الدهر يوما فلا تقل خلوت *** ولكن قل علي رقيب
ولا تحسبن الله يغفل ما مضى ***ولا ان ما تخفيه عنه يغيب
الروابط المفضلة