اليوم أكتب إليكم منطلقة من قول الرسول صلى الله عليه وسلم لأحد الصحابة : ( إن فيك خصلتين يحبهما الله ، الحلم والأناة ) ..
لأنني مما لاحظته بين الناس أن يكتفي الواحد بقوله لصديقه أراك دائماً مكفهر الوجه فلماذا لا تكون منبسطاً فتكسب أجوراً بابتسامتك .. وقد يكون صديقه هذا المكفهر .. مثلاً كريماً ويده سخية لكن لم يقل له يوماً ما ماشاء الله يا فلان إن يدك تجود على الناس .. وإني أرجو أن يحبك الله بسبب هذه الخصلة .. فالله تعالى يقول : ( إن الله لا يحب من كان مختالاً فخوراً الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل ) ..
نعم نحن نقره على إنكاره على صديقه بأنه عبوس الوجه .. لكن لماذا لايمتدحه في الصفات الأخرى ..
ولا أخفيكم أنني أردتُ أن أكتب هذا الموضوع في القسم العام عليّ أقرأ آراء كمفي هذا الخُلق وهل يجب أن تكون بين أعضاء المنتدى فإذا أخطأ أحدهم نبهناه وإن أصاب سددناه .. لكني اكتشفت أن الأمر أخطر من ذلك فالمسألة ليست ذات تأثير على الصداقات والمجتمع فحسب بل إنها تؤثر على العلاقة الزوجية ويؤثر عل تربية الأبناء .. تقولون كيف ؟؟
فأقول إن حال كثير من الأزواج مع زوجاتهم عجيب .. فهو لديه استعداد أن ينتقد كل صغيرة وكبيرة في زوجته ويتصيد أخطاءها لكنه ليس مستعداً أن يقول فيها كلمة مدح واحدة .. مثلاً اليوم يقول الطعام ملحه قليل لو علمتُ ذلك اشتريتُ من أقرب مطعم .. وفي الغد يقول ماهذا المكياج لم أعلم أني تزوجتُ مهرجاً .. ثم في مرة أخرى يقول ترتيب الأثاث لايعجبني.. وقد تكون هذه الحوادث لاتحدث إلاّ نادراً .. وينسى هذا الزوج أن زوجته صابرة على طول فترة دوامه وتظل تنتظره حتى يأكلان سوياً .. وينسى أنها مربية أولاده وأنها تتحمل أذاهم وتصبر على صراخهم وتحاول أن تهدئهم حتى ينام مرتاحاً .. وينسى أنها تصبر على فراق أهلها واشتياقها لهم لكن من أجله تصبر فلماذا لم تسمع من مثلاً .. قوله : أكثر شيء يعجبني فيك نظافتكِ وذوقكِ في الملابس .. ويعجبني فيكِ ثقافتكِ وصبركِ على الحياة الزوجية .. بالله كم لهذه الكلمات من أثر في نفس الزوجة .. ؟؟
وأيضاً أوجه خطابي للمرأة فأقول إن الزوجة لديها قدرة عجيبة في إسماع زوجها كلمات تؤذيه فتقول مارأيتُ منك خيراً قط لحادث مر بها أو مشكلة ككل مشاكل الزوجين .. فمثل هذه الألفاظ قد تبني جداراً صلباً بينها وبين زوجها ربما لن ينهدم أبداً أو تقول له أحمد الله فإنه لن يصبر عليك غيري فدخلك قليل - طبعاً في نظرها - فأنا ممكن أن أتنازل عن شراء علبة مكياج أعجبتني اليوم من أجل خاطرك !! .. وتنسى هذه الأخت أن زوجها صابر عليها رغم قلة درجة جمالها وأنه لايمنعها من الذهاب إلى حيث تريد .. فهل ستخسرُ شيئاً حينما تقول له أني مارأيتُ في الرجال مثلك والله إن أهلي لم يتحملوني كما تحمتلني أنت .. وإنك رجل صاحب دين وصلاتك أهم شيء لديك .. مثل هذه الكلمات رغم بساطتها لكن هي تذوب أكوام الجليد التي غطت على مشاعر الزوجين ..
أما التربية فشأنها عظيم فالأب مثلاً يرى تغيراً في سلوك ابنه فكما تعرفون أن الأبناء يتغير سلوكهم من مرحلة لأخرى .. فيبدأ الأب يتذمر من ابنه .. أنت ولد عاق لم أسمع منك كلمة حاضر يوماً ما أنت تحب أن تناقشني في كل الأمور مع أن الابن كان مطيعاً وكل كلمة من أبيه هي أوامر يجب تنفيذها .. لكنه كبر ويريد أن يريَ أباه كم أصبح رجلاً لكنه بطريقة ما لم يعرف كيف يوصل ذلك لأبيه .. فظن الأب أن هذا الابن عاق .. فماذا سيحصل لو قال الأب والله إني لأتشرف بك في كل مجلس .. وأدبك جم .. وما رأيتك تتطاول عليّ أو على غيري حتى دراستك وفقك الله أنت فيها من المتفوقين .. بهذا سيفرح الولد ويحاول أن يفعل أشياء لأبيه حتى دون أن يطلب من ذلك ..
مع التنبيه أنه لا يجوز السكوت على المخالفات الشرعية .. مثلاً إحدى الأخوات زوجها لايصلي وبذلك يعتبر كافر ثم تقولُ له إن لسانك لاينطق إلاّ كل جميل وإنك كريم وحليم وتنسى فعله الأكبر ..
أو زوج تخرج زوجته متبرجة ولا تغطي وجهها فيقول إنك جميلة وخلوقة وصابرة على أهلي وينسى مافعلته زوجته ..
أيضاً أنا لا أقرُّ المنكرات لكن كما أنك تنبهه على أخطائه فشد من أزره إذا أصاب .. وبذلك تكسب قلوب الآخرين ولا أخفيكم أنني إلى الآن لا أذكر أنني قلتُ لإحداهن إن فيك كذا وكذا من الخصال الجميلة مثلاً ..
بل نحن دائماً لانعرف إلا اللوم ونكتفي بقولنا لماذا لاتغير من هذا الخُلق وإلى متى ستظل هكذا .. مع العلم أنك بهذه الطريقة - أقصد بمدحك الذي أمامك - سوف تأسر قلبه حتى إذا حصل ورأيت منه منكراً فنبهته فسيلبي طائعاً ..
اسأل الله الإخلاص فيما كتبت وأن ينفع بكلماتي
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
منقول ..
الروابط المفضلة