المطلب الأول: الحيض
1 – تعريفه: الحيض في اللغة: السيلان، يقال: حاض الوادي إذا سال.وهو مصدر: حاضت المرأة تحيض حيضاً ومحاضاً ومحيضاً وتحيّضاً فهي حائض وحائضة من حوائض وحُيّض إذا سال دمها
وشرعاً: دم طبيعة وجبلّة يخرج من قعر الرحم، يعتاد أنثى إذا بلغت في أوقات معلومة
2 – حكمته: خلق الله دم الحيض وكتبه على بنات آدم لحكمة غذاء الولد وتربيته، فالولد يخلقه الله من ماء الرجل والمرأة، ثم يغذِّيه في الرحم بدم الحيض عن طريق السرة؛ ولهذا لا تحيض الحامل في الغالب، فإذا وضعت، خرج ما فضل عن غذاء الولد من ذلك الدم، ثم يقلبه الله تعالى بحكمته لبناً يتغذَّى به الطفل عن طريق الثدي؛ ولهذا لا تحيض المرضع في الغالب، فإذا خلت المرأة من حمل ورضاع بقي ذلك الدم في محله ثم يخرج في الغالب في كل شهر ستة أيام أو سبعة، وقد يزيد على ذلك ويقل،
ويطول ويقصر، على حسب ما ركبه الله تعالى في الطباع،والله أعلم
3 – لون دم الحيض يأتي على ألوان أربعة كالتالي:
أ – السواد؛ لحديث فاطمة بنت أبي حبيش رضي الله عنها أنها كانت تستحاض فقال لها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ”إذا كان دم الحيض فإنه أسودُ يُعرَف فأمسكي عن الصلاة فإذا كان الآخر فتوضئي فإنما هو عرق“
ب- الحمرة؛ لأنها أصل لون الدم.
ج- الصفرة: وهي الماء الذي تراه المرأة كالصديد يعلوه اصفرار.
د- الكدرة: وهي التوسط بين البياض والسواد كالماء الوسخ ولونه ينحو نحو السوادلحديث علقمة بن أبي علقمة عن أمه مولاة عائشة رضي الله عنها قالت:كان النساء يبعثن إلى عائشة أم المؤمنين بالدِّرَجة فيها الكُرسف فيه الصفرة من دم الحيض
يسألنها عن الصلاة،فتقول لهن:لا تَعْجَلْنَ حتى ترين القصة البيضاء تريد بذلك الطهر من الحيضة.
والصفرة والكدرة لا تكون حيضاً إلا في أيام الحيض أما بعد انقضاء أيام العادة فلا تعد حيضاً ولو تكرر ذلك؛ لحديث أمِّ عطية رضي الله عنها قالت: ”كنا لا نعد الكُدرة والصفرة [بعد الطهر] شيئاً“. فدل ذلك بمنطوقه على أن الصفرة والكدرة بعد الطهر لا تعد شيئاً وإنما هي مثل البول تنقض الوضوء،ودل بمفهومه على أن الصفرة والكدرة قبل الطهر تعد حيضاً بشرط أن تكون في أيام عادة الحيض،ورجح ذلك العلامة شيخنا ابن باز رحمه الله تعالى.
4- زمن الحيض ومدته، اختلف العلماء رحمهم الله تعالى في السن الذي يأتي الحيض فيه المرأة، وفي الحيض ومقدار زمنه كالتالي:
أ- السن الذي تحيض فيه الصغيرة:
ليس فيه تحديد من السنة الصحيحة للسن الذي تحيض فيه المرأة؛لكن في الغالب أنه يكون ما بين اثنتي عشرة سنة إلى خمسين سنة وربما حاضت المرأة قبل ذلك أو بعده بحسب حالتها وجوِّها وبيئتها. وقد اختلف العلماء في تحديد السن الذي يأتي فيه الحيض بحيث لا تحيض الأنثى قبله ولا بعده، وأن ما يأتيها قبله أو بعده فهو دم فساد لا حيض.قال الدارمي بعد أن ذكر الاختلافات:"كل هذا عندي خطأ؛لأن المرجع في جميع ذلك إلى الوجودفأي قدر وجد في أي حال وسن وجب جعله حيضاً"
إذا صلح أن يكون حيضاً، فمتى رأت المرأة الدم المعروف عند النساء أنه حيض فهو حيض.
ب- مدة الحيض ومقدار زمنه،لقد اختلف العلماء في أقل مدة الحيض وأكثره، وفي أقل مدة الطهر بين الحيضتين وأكثره، فقالت طائفة: ليس لأقل الحيض ولا لأكثره حد بالأيام،وقيل:أقله يوم وليلة،وأكثره خمسة عشر يوماً. ورجح شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى أنه لا حد لأقل الحيض ولا لأكثره، ولا لأقل الطهر بين الحيضتين ولا لأكثره، قال: والعلماء منهم من يحد أكثره وأقله ثم يختلفون في التحديد، ومنهم من يحد أكثره دون أقله، والقول الثالث أصح: أنه لا حدّ لأقله ولا لأكثره. ثم قرر أن كل ما رأته المرأة عادة مستمرة فهو حيض، وإن قُدّر أنه أقل من يوم استمر بها على ذلك فهو حيض، وإن قُدّر أن أكثره سبعة عشر استمر بها على ذلك فهو حيض،وأما إذا استمر الدم بها دائما فهذا قد عُلم أنه ليس بحيض
الروابط المفضلة