بسم الله الرحمن الرحيم
لقاء الأربعاء ( دروس ميسرة في النحو العربي ) الدرس الرابع
ما زال الحديث معقوداً حول المبني والمعرب :
المبني والمعرب من الأفعال
تقدم معنا أن الأفعال تنقسم إلى ثلاثة أقسام ماض و مضارع وأمر ،
أما الماضي والأمر فهما مبنيان ،
فالماضي يبنى على الفتح نحو : { عبسَ وتولى أن جاءه الأعمى } فـ ( عبسَ ) فعل ماض مبني على الفتح . وله أحكام تتعلق باتصاله بتاء الفاعل وتاء التأنيث وواو الجماعة ونا الفاعلين ستأتي بإذن الله في حينها .
وفعل الأمر مبني على السكون ، نحو : { وقلنا يا آدم اسكنْ أنت وزوجك الجنة } فـ ( اسكنْ ) فعل أمر مبني على السكون .
وأما المضارع فهو معرب ، بمعنى أنه تلحقه حركات الإعراب الظاهرة في الرفع والنصب والجزم .
( لاحظوا هنا ، ذكرنا الرفع والنصب والجزم ، لم نذكر الجر لأن الأفعال لا تجر ، فالجر من خصائص الأسماء ، وذكرنا الجزم والذي به يتميز الفعل عن الاسم والحرف ، فالجزم من صفات الأفعال ) .
فإذا عري الفعل المضارع الصحيح عن الناصب والجازم أي لم تدخل عليه أداة نصب أو أداة جزم فإنه يرفع نحو : ( { يبشرُهم ربهم برحمة منه ورضوان } فـ ( يبشرُ ) فعل مضارع مرفوع لتجرده عن الناصب والجازم وعلامة رفع الضمة الظاهرة .
وينصب إذا دخلت عليه أداة نصب كـ ( أنْ أو لن أو كي .. الخ ) ، ومثاله :
{ عسى الله أنْ يتوبَ عليهم } ، فـ ( يتوبَ ) فعل مضارع منصوب بأن وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة .
ويجزم إذا دخلت عليه أداة جزم كـ ( لم ، ولا الناهية ) ،
ومثال الجازم : ( لا تشربْ الخمر فإنه محرم ) فـ ( تشرب ) فعل مضارع مجزوم بلم وعلامة جزمه السكون الظاهر .
لكن الفعل المضارع إذا ارتبط بنون التوكيد الخفيفة أو الثقيلة أو بنون النسوة فإنه يبنى ،
مثال ارتباطه بنون التوكيد الخفيفة { كلا لئن لم ينتهِ لنسفعَا بالناصية } أي لنسفعَنْ ، فنون التوكيد الخفيفة دخلت على الفعل المضارع ( نسفع ) ،
ومثال اتصاله بنون التوكيد الثقيلة { لنخرجَنَّك يا شعيب من أرضنا } .
ففي الحالتين يبنى على الفتح .
ومثال اتصاله بنون النسوة { يا أيها النبي إذا جاءك المؤمنات يبايعْنَك } ،فـ ( يبايع ) فعل مضارع دخلت عليه نون النسوة، وفي هذه الحالة يبنى على السكون .
( ملحوظة : كل فعل بدأ بالأحرف التالية ( أ ، ن ، ي ، ت بحيث لا تكون هذه الأحرف أصلاً في الكلمة بل زائدة ، فهو فعل مضارع ) .
أما الأحرف فقد قدمنا بأنها كلها مبنية وليس فيه ما هو معرب .
ويتعلق بالبناء أن الأصل في البناء السكون ؛ أي أن تكون علامة البناء السكون لأنه ؛ أخف الحركات ،
ولا يحرك المبني إلى غير السكون إلا لسبب ؛ كالتقاء الساكنين فتتحرك إلى حركة أخرى مناسبة وتلازم البناء ، مثل : ( أينَ مبني على الفتح ؛ لكون ما قبله ساكن ولا يمكن أن يجتمع حرفان ساكنان )
وكذا ( حيثُ مبني على الضم ،
وكذا ( أمسِ ) مبني على الكسر .
واعلم بأن البناء على الكسر والضم لا يكون في الأفعال ، بل في الأسماء والحروف .
أما البناء على الفتح والسكون فيشمل الاسم والفعل والحرف .
أنواع الإعراب وعلاماته :
ينقسم الإعراب إلى أربعة أقسام ، ولكل قسم علامة تميزه ،
القسم الأول - الرفع وعلامته الضمة .
القسم الثاني - النصب وعلامته الفتحة .
القسم الثالث - الجر وعلامته الكسرة .
القسم الرابع - الجزم وعلامته السكون .
أما الرفع والنصب فيشترك فيها الاسم والفعل ، وأما الجر فيختص بالأسماء ، وكذا الجزم يختص بالأفعال .
وقد تنوب عن الضمة الواو في الرفع ، وعن الفتحة الألف في النصب وعن الكسرة الياء في الجر ، أو الياء في حالتي النصب والجر .
وهذا يأتي في الأسماء الستة ( أب ، أخ ، ذو ، حم ، فو ، هن ) .
وفي المثنى ، وفي جمع المذكر السالم .
وسنتكلم الآن عن الأسماء الستة :
فالأسماء الستة ترفع بالواو نيابة عن الضمة ، نحو : ( هذا أبو زيدٍ ) فـ ( أبو ) خبر مرفوع وعلامة رفعه الواو لأنه من الأسماء الستة .
وتنصب بالألف نيابة عن الفتحة ، نحو : ( رأيت أبا زيدٍ ) ، فـ ( أبا ) مفعول به منصوب وعلامة نصبه الألف لأنه من الأسماء الستة .
وتجر بالياء نيابة عن الكسرة ، فتقول ( مررتُ بأبي زيدٍ ) فـ ( أبي ) اسم مجرور بحرف الجر وعلامة جره الياء لأنه من الأسماء الستة .
ولكي تعرب هذه الأسماء بالحروف نيابة عن الحركات لا بد من توفر شروط أربعة :
1- أن تكون مضافة إلى غيرها ، فإن عدمت عن الإضافة أعربت بالحركات الظاهرة ، مثاله ( هذا أبٌ ، رأيت أباً ، مررت بأبٍ ) ، فإن أضيفت إلى غيرها أعربت بالحروف نحو ( هذا أبو زيد ، رأيت أبا زيد ، مررت بأبي زيد ) .
وهذا الشرط ينسحب على كافة الأسماء الستة ما عدا ( ذو ) التي بمعنى صاحب ، فإنها لا تأتي إلا مضافة ولا تضاف إلا إلى اسم ظاهر مثل : ( هذا ذو سلطان ) ولا تضاف إلى مضمر نحو : ( هذا ذوه ) ..
2- أن تضاف إلى غير ياء المتكلم ، فإن أضيفت إلى ياء المتكلم أعربت بالحركات المقدرة ، مثاله : ( هذا أبي ، رأيت أبي ، مررت بأبي ) ففي الأول : هي خبر مرفوع وعلامة رفعه الضمة المقدرة منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة ياء المتكلم وياء المتكلم ضمير متصل مبني في محل جر مضاف إليه ،
وفي الثاني : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المقدرة منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة ياء المتكلم ، وياء المتكلم ضمير متصل مبني في محل جر مضاف إليه .
وفي الثالث اسم مجرور وعلامة جره الكسرة المقدرة منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة ياء المتكلم ، وياء المتكلم ضمير متصل مبني في محل جر مضاف إليه .
3- أن تكون مكبرة ، فإن جاءت مصغرة أعربت بالحركات الظاهرة ومثاله : ( جاء أُبيُّ زيد ، رأيتُ أُبيَّ زيد ، مررت بأُبيٍّ زيد ) ، فـ ( أُبيّ ) تصغير ( أب ) ، ولذا جاءت معربة بالحركات الظاهرة .
4- أن تكون مفردة أي أن لا تكون جمعاً مثل ( آباء زيد ) أو مثنى مثل : ( أبوا زيد ) ، فإن كانت جمعاً أعربت بالحركات الظاهرة نحو : ( جاء آباءُ زيد ، رأيت آباءَ زيد ، مررت بآباءِ زيد ) ، وإن كانت مثنى أعربت إعراب المثنى ، الألف للرفع والياء للنصب والجر ، على ما سيأتي بيانه بإذن الله تعالى .
بقي مما يتعلق بالأسماء الستة ما يلي :
1- أن تكون ( ذو ) بمعنى صاحب . وهذا احتراز من استعمال ذو في لغة طي والتي تسمى ( ذو الطائية ) فإنهم يطلقون ( ذو ) بمعنى اسم الموصول ( الذي ) فيقولون : رأيت ذو جاء أمس ، أي الذي جاء أمس . قال الشاعر :
فإما كرام موسرون لقيتهم --------------- فحسبي من ذو عندهم ما كفانيا
2- يشترط في إعراب ( فم ) بإعراب الأسماء الستة أن تتعرى عن الميم ، فإن لزمتها الميم أعربت بالحركات الظاهرة ، مثل ( هذا فمٌ ، رأيت فماً ، شربت من فمِ القربة ) .
3- ( أب و أخ و حم ) لها ثلاث لغات :
الأولى - الأعراب بالحروف ( أبو ، أبا ، أبي ) كما تقدم .
الثانية - أن تعرب بالحركات الظاهرة ، فتقول : ( هذا أبُه ، رأيت أبَه ، مررت بأبِه ، أو هذا أبُ زيد ، رأيت أبَ زيد ، مررت بأبِ زيد ) ، فنجد أنها قد أعربت بالحركات الظاهرة بدل الحروف . وهذه اللغة نادرة .
وعليه قول الشاعر :
بأبِه اقتدى عدي في الكرم ----------------- ومن يشابه أبَه فما ظلم
الثالثة - أن تعرب على الألف بحركات مقدرة رفعاً ونصباً وجراً ، فتقول : ( هذا أباه ، ورأيت أباه ، ومررت بأباه )
والإعراب كما يلي ،
ففي الأول : خبر مرفوع وعلامة رفعه ضمة مقدرة منع من ظهورها التعذر ، والهاء مضاف إليه .
وفي الثاني مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المقدرة منع من ظهورها التعذر ، والهاء مضاف إليه .
وفي الثالث اسم مجرور وعلامة جره الكسرة المقدرة منع من ظهورها التعذر ، والهاء مضاف إليه . وهذه اللغة أشهر من اللغة التي سبقتها .
وعليها قول الشاعر :
إن أباها وأبا أباها ------------------ قد بلغا في المجد غايتاها
4- ( هَنُ ) ، الفصيح فيها أن تعرب بالحركات الظاهرة على النون فتقول ( هذا هنُ زيد ، رأيت هنَ زيد ، مررت بهنِ زيد ) .
ولكون اللغة الفصيحة في ( هن ) أن تعرب بالحركات بدل الحروف فإنه قد اشتهر مسمى ( الأسماء الخمسة ) بدل ( الأسماء الستة ) .
و ( هن ) هي لفظة تدل على ما يقبح ذكره من أعضاء الإنسان ، وإن كنت قد جئت بالأمثلة عليها مما لا يصح أن يقال ويذكر ، إلا أني أردت التمثيل للتعريف ولا أعني معنى الجملة ، فلا شك بأن النظر والمرور بالعورات لا يجوز !!
هذا ما تيسر في هذا الدرس ، ونلتقي بإذن الله تعالى في الدرس القادم مع إعراب المثنى ،،
قال ابن مالك رحمه الله :
وفعل أمر ومضي بنيــا ----------------- وأعربوا مضارعاً إن عريا
من نون توكيد مباشر ومنْ ----------------- نون إناث كـ ( يرعْنَ مَنْ فُـتِنْ )
وكل حرف مستحق للبنــا ---------------- والأصل في المبني أن يسكنا
ومنه ذو فتح وذو كسر وضمْ --------------- كـ ( أينَ ، أمسِ ، حيثُ ، والساكن كمْ )
والرفع والنصب اجعلنْ إعرابا ---------------- لاسم وفعل نحو : ( لن أهابا )
والاسم قد خُصِّص بالجر كما ------------------قد خُصِّص الفعل بأن ينجزما
فارفع بضم وانصبنْ فتحاً وجر --------------- كسراً كـ ( ذكرُ اللهِ عبدَه يسر )
واجزم بتسكين ، وغير ما ذكر ---------------- ينوب نحو : ( جا أخو بني نَمِر )
وارفع بواو وانصبنَّ بالألف ------------------ واجرر بياء ما من الأسما أصف
من ذاك ( ذو ) إن صحبة أبانا ---------------- والفم حيث الميم منه بانــــا
أبٌ أخٌ حمٌ كذاك وهــــنُ -----------------والنقص في هذا الأخير أحسنُ
وفي ( أب ) وتالييه يندر --------------------وقصرها من نقصهن أشهر
وشرط ذا الإعراب أن يضفن لا --------------- لليا كـ ( جا أخو أبيك ذا اعتلا )
أخوكم
صوت الأحساء .
الروابط المفضلة